الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3339 وقول الله تعالى: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار. وقوله: من بعدي اسمه أحمد.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وقول الله بالجر عطف على قوله: ما جاء، وقوله: وقوله من بعدي اسمه أحمد، بالجر أيضا عطفا على قول الله، وكأنه أشار بما ذكر من بعض الآيتين إلى أن أشهر أسماء النبي صلى الله عليه وسلم محمد وأحمد، فمحمد من باب التفعيل للمبالغة، وأحمد من باب التفضيل، وقيل: معناهما: إذا حمدني أحد فأنت أحمد، وإذا حمدت أحد فأنت محمد. وقال عياض: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمد قبل أن يكون محمدا، كما وقع في الوجود؛ لأن تسميته أحمد وقعت في الكتب السالفة، وتسميته محمدا وقعت في القرآن العظيم، وذلك أنه حمد ربه قبل أن يحمده الناس، وكذلك في الآخرة يحمد ربه فيشفعه فيحمده الناس، وقد خص بسورة الحمد ولواء الحمد، وبالمقام المحمود، وشرع له الحمد بعد الأكل وبعد الشرب، وبعد الدعاء، وبعد القدوم من السفر، وسميت أمته الحمادين، فجمعت له معاني الحمد وأنواعه، وقيل: اسمه في السماوات أحمد، وفي الأرضين محمود، وفي الدنيا محمد، وقيل: الأنبياء كلهم حمادون لله تعالى، ونبينا أحمد، أي: أكثر حمدا لله منهم، وقيل: الأنبياء كلهم محمودون، ونبينا أحمد، أي: أكثر مناقب، وأجمع للفضائل. قوله: " محمد رسول الله. محمد إما خبر مبتدأ محذوف، أي: هو محمد لتقدم قوله: هو الذي أرسل رسوله، وإما مبتدأ، ورسول الله عطف بيان، والذين معه، أي: أصحابه عطف على المبتدأ، وقوله: أشداء خبر عن الجميع، ويجوز أن يكون استئنافا محمد مبتدأ، ورسول الله خبره، والذين معه مبتدأ، وأشداء خبره، ويجوز أن يكون: والذين معه في محل الجر عطفا على قوله: بالله في قوله: وكفى بالله، والجمهور على أن المراد من قوله: والذين معه الصحابة، وقيل: هم الأنبياء أجمعون، فيكون التقدير: محمد رسول الله والذين معه رسل الله، فيحسن الوقف على معه. قوله: " أشداء جمع شديد، ومعناه يغلظون على الكفار، وعلى من [ ص: 96 ] خالف دينهم، وإن كانوا آباءهم أو أبناءهم. قوله: " من بعدي اسمه أحمد "، وقبله: ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد. وعن كعب أن الحواريين، قالوا لعيسى صلى الله تعالى عليه وسلم: يا روح الله، فهل بعدنا من أمة؟ قال: نعم، أمة أحمد حكماء علماء أبرار أتقياء.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية