الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3610 (وقال إسماعيل بن خليل قال: أخبرنا علي بن مسهر، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعرف استئذان خديجة فارتاع لذلك، فقال: اللهم هالة، قالت: فغرت فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين هلكت في الدهر قد أبدلك الله خيرا منها).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للجزء الأول من الترجمة من حيث دلالته على التزويج بطريق اللزوم، وقال الكرماني: المراد من الترجمة لفظ " وفضلها "، كما تقول: أعجبني زيد وكرمه وتريد أعجبني كرم زيد. (قلت): على قوله لا يوجد في الباب للجزء الأول من الترجمة حديث يطابقها.

                                                                                                                                                                                  وإسماعيل بن خالد أبو عبد الله الخزاز الكوفي روى عنه البخاري ومسلم، وقال البخاري: جاءنا نعيه سنة خمس [ ص: 282 ] وعشرين ومائتين.

                                                                                                                                                                                  قوله: " وقال إسماعيل: " صورته صورة التعليق في النسخ كلها لكن الحافظ المزي قال: حديث: استأذنت هالة، وذكر الحديث، ثم قال حينئذ في فضل خديجة عن إسماعيل بن خليل، فهذه العبارة تدل على أنه روى عنه فتقتضي اتصاله، وأخرجه مسلم في الفضائل عن سويد بن سعيد، وأخرجه أبو عوانة عن محمد بن يحيى الذهلي، عن إسماعيل المذكور.

                                                                                                                                                                                  قوله: " استأذنت هالة " بالهاء وتخفيف اللام، وهي أخت خديجة، وكلتاهما بنتا خويلد بن أسد، وكانت زوج الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس والد أبي العاص زوج زينب بنت النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم -، وذكرت في الصحابة، وقد هاجرت إلى المدينة لأن استيذانها كان بالمدينة. قوله: " فعرف استئذان خديجة " أي: تذكر استئذانها لشبه صوتها بصوت خديجة. قوله: " فارتاع لذلك " من الروع أي: فزع، ولكن المراد لازمه، وهو التغير، ويروى " فارتاح " بالحاء المهملة أي اهتز لذلك سرورا. قوله: " فقال: اللهم هالة " بالنصب تقديره: يا الله اجعلها هالة فتكون هالة منصوبا على المفعولية، ويجوز رفعها على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: هذه هالة، وروى المستغفري من طريق حماد بن سلمة عن هشام بهذا السند: " قدم ابن لخديجة يقال له هالة، فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- في قابلته كلام هالة فانتبه وقال: هالة هالة " ثم قال المستغفري: الصواب هالة أخت خديجة. قوله: " قالت " أي: عائشة " فغرت " من الغيرة، " فقلت: ما تذكر من عجوز من عجائز قريش " أرادت به خديجة. قوله: " حمراء الشدقين " بالحاء المهملة والراء، والشدق بالكسر جانب الفم، أرادت أنها عجوز كبيرة جدا قد سقطت أسنانها من الكبر ولم يبق بشدقها بياض من الأسنان إنما بقيت فيه حمرة اللثات، وقال القرطبي: قيل معنى حمراء الشدقين: بيضاء الشدقين، والعرب تطلق الأحمر على الأبيض كراهة لاسم البياض لكونه يشبه البرص، وفيه نظر لا يخفى، وحكى ابن التين أنه روي بالجيم والزاي ولم يذكر له معنى، وهو تصحيف قاله بعضهم، وقال صاحب (التوضيح): روى كلاهما ولم يذكر المعنى أيضا. قوله: " خيرا منها " أي: من خديجة، وقال ابن التين: في سكوت النبي - صلى الله تعالى عليه وآله وسلم - على هذه المقالة دليل على أفضلية عائشة على خديجة رضي الله تعالى عنهما إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا حسن الصورة وصغر السن، وقال الطبري وغيره: الغيرة تسامح للنساء ما يقع منهن، ولا عقوبة عليهن في تلك الحالة لما جبلن عليها، ولهذا لم يزجر صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عائشة عن ذلك، (قلت): فعلى هذا سكوته صلى الله عليه وسلم على المقالة المذكورة لا يدل على أفضلية عائشة على خديجة على أنه جاءت رواية بالرد لهذه المقالة، وهي ما رواه أحمد والطبراني من رواة ابن أبي نجيح، عن عائشة أنها قالت: " قد أبدلك الله بكبيرة السن حديثة السن فغضب حتى قلت: والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية