الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3598 297 - حدثني محمد بن بشار، حدثنا غندر قال: سمعت شعبة، سمعت قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب: " إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا قال: وسماني؟ قال: نعم، قال: فبكى "

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة أظهر ما يكون، وهي منقبة عظيمة لم يشاركه فيها أحد من الناس، وهي قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- القرآن عليه [ ص: 272 ] ، وسماه عمر رضي الله تعالى عنه سيد المسلمين، وقد تكرر ذكر رجاله لا سيما على هذا النسق.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه في التفسير أيضا عن غندر، وأخرجه مسلم في الصلاة وفي الفضائل عن أبي موسى وبندار، وأخرجه الترمذي في المناقب عن بندار، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن عبد الأعلى، وفي التفسير عن إبراهيم بن الحسن.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بن كعب: إن الله أمرني أن أقرأ عليك "، وفي رواية لأحمد من حديث علي بن زيد، عن عمار بن أبي عمار، عن أبي حية: لما نزلت: لم يكن قال جبرائيل عليه السلام لرسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -: إن ربك أمرك أن تقرئها أبيا، فقال له: إن الله أمرني أن أقرئك هذه السورة، فبكى.

                                                                                                                                                                                  والحكمة في أمره بالقراءة عليه هي أنه يتعلم أبي ألفاظه، وكيفية أدائه، ومواضع الوقوف، فكانت القراءة عليه لتعليمه لا ليتعلم منه، وأنه يسن عرض القرآن على حفاظه المجودين لأدائه، وإن كانوا دونه في النسب والدين والفضيلة ونحو ذلك، أو أن ينبه الناس على فضيلة أبي ويحثهم على الأخذ عنه، وتقديمه في ذلك، وكان كذلك وصار بعد النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - رأسا وإماما مشهورا فيه، قوله: لم يكن الذين كفروا تخصيص هذه السورة لأنها مع وجازتها جامعة لأصول وقواعد ومهمات عظيمة، وقال القرطبي: خص هذه السورة بالذكر لما احتوت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء عليهم السلام، وذكر الصلاة والزكاة والمعاد، وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها، وقيل: لأن فيها رسول من الله يتلو صحفا مطهرة . قوله: " قال: وسماني الله " أي: قال أبي: وسماني الله؟ يعني هل نص علي باسمي؟ أو قال: اقرأ على واحد من أصحابك فاخترتني أنت؟ " قال: نعم " أي: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- نعم إن الله سماك، وفي رواية للطبراني عن أبي بن كعب قال: نعم باسمك ونسبك في الملأ الأعلى، وقال القرطبي: وفي رواية: آلله سماني لك؟ بهمزة الاستفهام على التعجب منه، إذ كان ذلك عنده مستبعدا؛ لأن تسميته تعالى له وتعيينه ليقرأ عليه النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - تشريف عظيم، فلذلك بكى من شدة الفرح والسرور، وقال النووي: قيل: بكاؤه خوفا من تقصيره على شكر هذه النعمة العظيمة، وروى الحاكم مصححا من حديث زر بن حبيش عن أبي بن كعب أن النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - قرأ عليه: لم يكن وقرأ فيها: إن الدين عند الله الحنيفية لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية من تعجل خيرا فلن يكفره ، والله أعلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية