الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3389 89 - حدثنا مسدد، حدثنا حماد، عن عبد العزيز، عن أنس. وعن يونس، عن ثابت، عن أنس رضي الله عنه قال: أصاب أهل المدينة قحط على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا هو يخطب يوم جمعة إذ قام رجل، فقال: يا رسول الله، هلكت الكراع، هلكت الشاء، فادع الله يسقينا، فمد يديه ودعا. قال أنس: وإن السماء كمثل الزجاجة، فهاجت ريح أنشأت سحابا، ثم اجتمع، ثم أرسلت السماء عزاليها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلم تزل تمطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه ذلك الرجل أو غيره، فقال: يا رسول الله، تهدمت البيوت فادع الله يحبسه. فتبسم، ثم قال: حوالينا ولا علينا، فنظرت إلى السحاب تصدع حول المدينة كأنه إكليل.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وأخرج هذا الحديث في كتاب الاستسقاء مطولا، ومختصرا من عشرة وجوه: الأول: عن [ ص: 127 ] محمد، عن أبي ضمرة، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر، عن أنس بن مالك. والثاني: عن قتيبة، عن إسماعيل بن جعفر، عن شريك، عن أنس. والثالث: عن مسدد، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس. والرابع: عن عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن شريك، عن أنس. والخامس: عن إسماعيل، عن مالك، عن شريك، عن أنس. والسادس: عن الحسن بن بشر، عن معافى بن عمران، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس. والسابع: عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، عن شريك، عن أنس. والثامن: عن محمد بن أبي بكر، عن معتمر، عن عبيد الله بن ثابت، عن أنس. والتاسع: عن أيوب بن سليمان معلقا، عن أبي بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس. والعاشر: عن محمد بن مقاتل، عن عبد الله بن المبارك، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس. والوجه الحادي عشر أخرجه في كتاب الجمعة عن إبراهيم بن المنذر، عن الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، عن إسحاق بن عبد الله، عن أنس. والثاني عشر: أخرجه في الجمعة أيضا من طريقين كما أخرجه هاهنا نحوه من طريقين: أحدهما عن مسدد، عن حماد بن زيد، عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس رضي الله تعالى عنه. والآخر عن مسدد، عن حماد بن زيد، عن يونس بن عبيد البصري، عن ثابت، عن أنس. والحاصل أن لحماد إسنادين: أحدهما عال، والآخر نازل. وذكر البزار أن حمادا تفرد بطريق يونس بن عبيد، فالطريقان أخرجهما أبو داود في الصلاة عن مسدد بإسناده نحوه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قحط "، أي: جدب، يقال: قحط المطر، وقحط بكسر الحاء، وفتحها إذا احتبس وانقطع، وأقحط الناس إذا لم يمطروا. قوله: " على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، أي: على زمنه وأيامه.

                                                                                                                                                                                  قوله: " إذ قام "، جواب بينا. قوله: " رجل "، قيل: هو خارجة بن حصن الفزاري. قوله: " الكراع "، بضم الكاف، وحكي عن رواية الأصيلي كسرها وخطئ، والمراد به الخيل هاهنا؛ لأنه عطف عليه، وهلكت الشاء، وقد يطلق على غيرها، والشاء جمع شاة، وأصل الشاة شاهة فحذفت لامها. وقال ابن الأثير: جمع الشاة شاء وشياه وشوى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " كمثل الزجاجة "، أي: في شدة الصفاء ليس فيه شيء من السحاب ومن الكدورات. قوله: " فهاجت "، أي: ثارت ريح أنشأت سحابا. وفي التوضيح: فيه نظر، إنما يقال: نشأ السحاب إذا ارتفع، وأنشأه الله، ومنه: ينشئ السحاب الثقال، أي: يبديها. قوله: " عزاليها " جمع عزلاء، بفتح العين المهملة، وسكون الزاي، وهو فم الراوية من أسفلها. وفي الجمع يجوز كسر اللام وفتحها كما في الصحارى، وقد مر عن قريب قوله: منازلنا. ويروى: منزلنا بالإفراد.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فلم تزل تمطر "، بضم التاء، أي: لم تزل السماء تمطر، ويجوز أن يكون لم نزل بنون المتكلم، وكذلك نمطر، ولكن على صيغة المجهول.

                                                                                                                                                                                  قوله: " أو غيره "، أي: أو غير ذلك الرجل الذي قام في تلك الجمعة، شك فيه أنس، وتارة يجزم بذلك الرجل، وبقية الكلام مرت في كتاب الاستسقاء. قوله: " تصدع ". وفي رواية الأصيلي تتصدع، وهو الأصل، ولكن حذفت منه إحدى التاءين. قوله: " إكليل " بكسر الهمزة، وهو شبه عصابة مزينة بالجواهر وهو التاج، وكانت ملوك الفرس تستعملها.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية