الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3269 110 - حدثنا سعيد بن أبي مريم، حدثنا أبو غسان قال: حدثني زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه! قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟! قال: فمن؟

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه المطابقة بين حديث الباب وبين الترجمة يمكن أن تؤخذ من قوله: " سنن من قبلكم "؛ لأنه يشمل بني إسرائيل وغيرهم.

                                                                                                                                                                                  وسعيد بن أبي مريم هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم المصري، وأبو غسان بفتح الغين المعجمة وتشديد السين المهملة وبالنون، واسمه محمد بن مطرف، مر في الصلاة. وأبو سعيد سعد بن مالك الخدري.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري في الاعتصام عن محمد بن عبد العزيز، وأخرجه مسلم في القدر عن سويد بن سعيد، وهذا من الأحاديث المقطوعة في مسلم لأنه قال في كتاب القدر: " وحدثني عدة من أصحابنا عن سعيد بن أبي مريم " الذي أخرجه البخاري عنه، ووصله عنه راوي كتابه إبراهيم بن سفيان فقال: حدثنا محمد بن يحيى، حدثنا ابن أبي مريم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (لتتبعن) بضم العين وتشديد النون.

                                                                                                                                                                                  قوله: (سنن من قبلكم)؛ أي: طريق الذين كانوا قبلكم، والسنن - بفتح السين - السبيل والمنهاج. وقال الكرماني: ويروى بالضم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (شبرا بشبر) نصب بنزع الخافض، تقديره: لتتبعن سنن من قبلكم اتباعا بشبر ملتبس بشبر وذراع ملتبس بذراع، وهذا كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا في الكفر، وكذلك قوله: (لو سلكوا جحر ضب) بضم الجيم وسكون الحاء، والضب دويبة تشبه الورل تأكله الأعراب، والأنثى ضبة، وتقول العرب: هو قاضي الطير والبهائم، يقولون: اجتمعت إليه أول ما خلق الله الإنسان فوصفته له، فقال الضب: تصفين خلقا ينزل الطير من السماء ويخرج الحوت من الماء! فمن كان له جناح فليطر، ومن كان ذا [ ص: 44 ] مخلب فليحتفر. ووجه التخصيص بجحر الضب لشدة ضيقه ورداءته، ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو دخلوا في مثل هذا الضيق الرديء لوافقوهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: (اليهود)؛ يعني قالوا: يا رسول الله، هم اليهود والنصارى؟

                                                                                                                                                                                  قوله: (قال: فمن؟)؛ أي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمن غيرهم؟ وهذا استفهام على وجه الإنكار، أي: ليس المراد غيرهم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية