الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3415 115 - حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن الأعمش، عن خيثمة، عن سويد بن غفلة قال: قال علي رضي الله عنه: إذا حدثتكم عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلأن أخر من السماء أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم فإن الحرب خدعة، سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وسفيان هو ابن عيينة، والأعمش هو سليمان وخيثمة بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء آخر الحروف [ ص: 144 ] وفتح الثاء المثلثة ابن عبد الرحمن الجعفي الكوفي، ورث مائتي ألف وأنفقها على أهل العلم، وسويد بضم السين المهملة وفتح الواو وسكون الياء آخر الحروف ابن غفلة بفتح الغين المعجمة والفاء، وقد مر في أول كتاب اللقطة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في فضائل القرآن عن محمد بن كثير، عن سفيان أيضا، وفي استتابة المرتدين عن عمر بن حفص، وأخرجه مسلم في الزكاة عن محمد بن عبد الله بن نمير وأبي سعيد الأشج، وعن إسحاق بن إبراهيم، وعن عثمان بن أبي شيبة وأبي بكر بن أبي كريب وزهير، وعن أبي بكر بن نافع ومحمد بن أبي بكر، الكل عن الأعمش عن خيثمة. وأخرجه أبو داود في السنة عن محمد بن كثير، وأخرجه النسائي في المحاربة عن محمد بن بشار، ولم يذكر صدر الحديث.

                                                                                                                                                                                  قوله: " فلأن أخر " من الخرور وهو الوقوع والسقوط. قوله: " خدعة " بفتح الخاء المعجمة وضمها وكسرها، والظاهر إباحة الكذب في الحرب، لكن الاقتصار على التعريض أفضل. قوله: " حدثاء الأسنان " أي: الصغار، وقد يعبر عن السن بالعمر، والحدثاء جمع حديث السن، وكذا يقال: غلمان حدثان بالضم. قوله: " سفهاء الأحلام " أي: ضعفاء العقول، والسفهاء جمع سفيه وهو خفيف العقل. قوله: " يقولون من قول خير البرية " أي: من السنة وهو قول محمد صلى الله عليه وسلم خير الخليقة. قال الكرماني: ويروى من خير قول البرية أي: من القرآن، ويحتمل أن تكون الإضافة من باب ما يكون المضاف داخلا في المضاف إليه، وحينئذ يراد به السنة لا القرآن هو كما قال الخوارج: لا حكم إلا لله في قضية التحكيم، وكانت كلمة حق ولكن أرادوا بها باطلا. قوله: " يمرقون " أي: يخرجون وقد مر عن قريب. قوله: " حناجرهم " جمع حنجرة وهي رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق. قوله: " فإن قتلهم أجر لمن قتلهم " هذا هكذا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم، وإنما كان الأجر في قتلهم لأنهم يشغلون عن الجهاد ويسعون بالفساد لافتراق كلمة المسلمين.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية