الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3318 18 - حدثنا علي بن عياش، حدثنا حريز، قال: حدثني عبد الواحد بن عبد الله النصري، قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أعظم الفرى أن يدعي الرجل إلى غير أبيه، أو يري عينه ما لم تر، أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  وجه المطابقة فيه مثل الوجه الذي ذكرناه على رأس الحديث الماضي، وعلي بن عياش بتشديد الياء آخر الحروف، وبالشين المعجمة الألهاني الحمصي، وهو من أفراده، وحريز، بفتح الحاء المهملة، وكسر الراء، ابن عثمان الحمصي من صغار التابعين، وعبد الواحد بن عبد الله الدمشقي النصري، بفتح النون، وسكون الصاد المهملة، منسوب إلى نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وهو أيضا من صغار التابعين، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد، وجده كعب بن عمير، ويقال: بشر بن كعب، وعبد الواحد هذا ولي إمرة الطائف لعمر بن عبد العزيز، ثم ولي إمرة المدينة ليزيد بن عبد الملك، وكان محمود السيرة، ومات وعمره مائة وبضع سنين.

                                                                                                                                                                                  ومن لطائف هذا الإسناد أنه من عوالي البخاري، وأن فيه رواية القرين عن القرين من التابعين، وأنه من أفراد البخاري.

                                                                                                                                                                                  قوله: الفرى بكسر الفاء مقصور وممدود جمع فرية، وهي الكذب والبهت، تقول: فرى، بفتح الراء فلان كذا إذا اختلق يفري، بفتح أوله، فرى بالفتح، وافترى اختلق. قوله: " أن يدعي الرجل "، أي: أن ينتسب إلى غير أبيه. قوله: " أو يري عينه "، بضم الياء، وكسر الراء من الإراءة، وعينه منصوبة به. قوله: " ما لم تر "، مفعول ثان، وضمير المنصوب فيه محذوف تقديره: ما لم تره، وحاصل المعنى أن يدعي أن عينيه رأتا في المنام شيئا وما رأتاه. وفي رواية أحمد، وابن حبان، والحاكم من وجه آخر عن واثلة: أن يفتري الرجل على عينيه فيقول: رأيت، ولم تره في المنام شيئا. (فإن قلت): إن كذبه في المنام لا يزيد على كذبه في اليقظة فلم زادت عقوبته؟ قلت: لأن الرؤيا جزء من النبوة، والنبوة لا تكون إلا وحيا، والكاذب في الرؤيا يدعي أن الله أراه ما لم يره، وأعطاه جزءا من النبوة ولم يعطه، والكاذب على الله أعظم فرية ممن كذب على غيره. قوله: " أو يقول "، من مضارع قال. وفي رواية المستملي: أو تقول، على وزن تفعل، بفتح القاف، وتشديد الواو المفتوحة، ومعناه افترى. قوله: " ما لم يقل " مفعول يقول، أي: ما لم يقل الرسول.

                                                                                                                                                                                  وفي الحديث تشديد الكذب في هذه الأمور الثلاثة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية