الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  3635 330 - حدثنا عبد الله بن محمد الجعفي، حدثنا سفيان، أخبرنا مطرف، سمعت أبا السفر يقول: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما يقول: يا -أيها الناس- اسمعوا مني ما أقول لكم، وأسمعوني ما تقولون، ولا تذهبوا فتقولوا: قال ابن عباس، قال ابن عباس، من طاف بالبيت فليطف من وراء الحجر، ولا تقولوا: الحطيم؛ فإن الرجل في الجاهلية كان يحلف فيلقي سوطه أو نعله أو قوسه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله " فإن الرجل في الجاهلية "، وسفيان هو ابن عيينة، ومطرف على صيغة الفاعل من التطريف ابن طريف بالطاء المهملة الحارثي، وأبو السفر بالسين المهملة والفاء المفتوحتين، واسمه سعيد بن يحمد بضم الياء آخر الحروف وسكون الحاء المهملة وكسر الميم الكوفي الهمداني.

                                                                                                                                                                                  قوله: " اسمعوا " إسماع ضبط وإتقان. قوله: " ما أقول " مفعول اسمعوا. قوله: " وأسمعوني " بفتح الهمزة وسكون السين من الإسماع. قوله: " ما تقولون " مفعول ثان لقوله أسمعوني. قوله: " ولا تذهبوا " أي: قبل أن تضبطوا فتقولوا قال ابن عباس بلا ضبط ولا إتقان. قوله: " قال ابن عباس " كلام مستقل وليس بتكرار، وهو مقول قوله: اسمعوا مني ما أقول لكم، وقوله: " من طاف " مقول قوله قال ابن عباس. قوله: " من وراء الحجر " بكسر المهملة، وهو المحوط الذي تحت الميزاب. قوله: " ولا تقولوا الحطيم " لأنه من أوضاع الجاهلية كانت عادتهم أنهم إذا كانوا يتحالفون بينهم كانوا يحطمون أي: يدفعون نعلا أو سوطا أو قوسا إلى الحجر علامة لعقد حلفهم، فسموه بذلك لكونه يحطم أمتعتهم، وقيل: إنما قيل له الحطيم لما حطم من جداره فلم يسو ببناء البيت وترك خارجا منه، وقيل: إنما سمي الحطيم لأن بعضهم كان إذا دعا على من ظلمه في ذلك الموضع هلك. (قلت): فعلى هذا يكون الحطيم بمعنى الحاطم فعيل بمعنى فاعل، وقال ابن الكلبي: سمي الحطيم حطيما لما يحجر عليه، أو لأنه قصر به عن بناء البيت وأخرج عنه. (قلت): فعلى هذا يكون الحطيم بمعنى المحطوم فعيل بمعنى مفعول، وقيل: سمي به لأن الناس يحطم فيه بعضهم بعضا من الزحام عند الدعاء فيه، وقيل: الحطيم هو بئر الكعبة التي كان يلقى فيها ما ينذر لها، وقيل: الحطيم ما بين الحجر الأسود والمقام، وقيل: من زمزم إلى الحجر يسمى حطيما. قوله: " فيلقي " بضم الياء من الإلقاء وهو الرمي. قوله: " سوطه أو نعله أو قوسه " كلمة أو فيه للتنويع، والتقدير: يلقي في الحطيم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية