الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ومن تزوج أمة وظن ) أنها حرة الأصل لا عتيقة ( أو ) تزوج امرأة و ( شرط أنها حرة فولدت ) منه مع جهله رقها ( فولده حر ) لاعتقاده حريته باعتقاده حرية أمه .

                                                                          ( ويفدي ) أي يلزم الزوج أن يفدي ( ما ولد ) له من زوجته الأمة التي غر بها ( حيا ) لوقت يعيش لمثله لقضاء عمر وعلي وابن عباس ولأن الولد نماء الأمة المملوكة فسبيله أن يكون مملوكا لمالكها وقد فوت رقه باعتقاده الحرية فلزمه ضمانه كما لو فوت رقه بفعله فيفديه ( بقيمته لأنه حيوان وكل الحيوانات متقومة يوم ولادته ) قضى به عمر وعلي وابن عباس ; لأنه محكوم بحريته عند وضعه وهو أول أوقات إمكان تقويمه وقيمته التي تزيد بعد وضعه لم تكن مملوكة لمالك الأمة فلم يضمنها كما بعد الخصومة ( ثم إن كان ) الزوج ( ممن لا يحل له نكاح الإماء ) بأن كان حرا واجد الطول أو غير [ ص: 671 ] خائف العنت ( فرق بينهما ) لظهور بطلان النكاح لفقد شرطه وكذا إن كان تزوجها بغير إذن سيدها ونحوه .

                                                                          ( وإلا ) بأن كان ممن يحل له نكاح الإماء ( فله الخيار ) بين فسخ النكاح والمقام عليه ; لأنه عقد قد غر فيه أحد الزوجين بحرية الآخر أشبه عكسه ( فإن رضي بالمقام ) معها مع ثبوت رقها بالبينة فأما إن أقرت لإنسان بالرق لم يقبل قولها على زوجها نصا ; لأن إقرارها يزيل النكاح عنها ويثبت حقا على غيرها أشبه ما لو أقرت بمال على غيرها ( فما ) حملت و ( ولدت ) عند زوج ( بعد ) ثبوت رقها ( ف ) هو ( رقيق ) لرب الأمة ; لأنه من نمائها ( وإن كان المغرور ) بالأمة بأن ظنها أو شرطها حرة ( عبدا فولده منها حر ) لأنه وطئها معتقدا حريتها أشبه الحر وعلة رق الولد رق أمه خاصة ولا عبرة بالأب ، بدليل ولد الحر من الأمة وولد العبد من الحرة وهنا يقال حر بين رقيقين و ( يفديه ) أي يفدي العبد ولده من أمة غر بها بقيمته ( يوم ولادته ) حيا ( إذا عتق لتعلقه ) أي الفداء ( بذمته ) لأنه فوت رقه باعتقاده الحرية وفعله ولا مال له في الحال فتعلق الفداء بذمته .

                                                                          ( ويرجع زوج ) حرا كان أو عبدا ( بفداء ) غرمه على من غره إن كان الغار له أجنبيا قضى به عمر وعلي وابن عباس .

                                                                          ( و ) يرجع زوج ( ب ) المهر ( المسمى ) لأنه الواجب عليه دون مهر المثل ( على من غره إن كان ) الغار له ( أجنبيا ) لأنه ضمن له سلامة الوطء كما ضمن له سلامة الولد فكما يرجع عليه بقيمة الولد كذلك يرجع عليه بالمهر وكذا أجرة انتفاعه بها إن غرمها ( فإن كان ) الغار للزوج ( سيدها ولم تعتق بذلك ) بأن لم يكن التغرير بلفظ تحصل به الحرية ( أو ) كان الغار للزوج ( أباها ) أي الزوجة نفسها ( وهي مكاتبة فلا مهر له ) أي لسيدها إذا كان هو الغار ( ولا ) مهر ( لها ) أي المكاتبة إن كانت هي الغارة ; لأنه لا فائدة في أن يجب لأحدهما ما يرجع به عليه . ( وولدها ) أي المكاتبة من زوج غر بحريتها ( مكاتب ) لولا التغرير تبعا لها ( فيغرم أبوه قيمته لها ) إن لم تكن هي الغارة ; لأنه فوته عليها ويرجع بما يغرمه على من غره .

                                                                          ( وإن كانت ) الزوجة الغارة ( قنا ) أو مدبرة أو أم ولد لم يسقط مهرها ويغرمه وفداء ولدها لسيدها ويقوم ولد أم ولد كأنه قن و ( تعلق ) ما غرمه لسيدها ( برقبتها ) فيخير سيدها بين فدائها بالأقل من قيمتها أو الغرم أو يسلمها [ ص: 672 ] إن لم تكن أم ولد فإن اختار فداءها بقيمتها سقط قدرها عن الزوج مما عليه ; لأنه لا فائدة في إيجابه عليه ثم رده إليه وإن اختار تسليمها سلمها وأخذ ماله . ( والمعتق بعضها ) إذا غرت زوجها بحريتها ( يجب لها البعض ) من مهرها بقدر حريتها ( فيسقط ما وجب لها لما تقدم ) ويجب باقيه لمالك البقية ويتعلق برقبتها فيخرج سيدها ككاملة الرق ( وولدها ) أي المعتق بعضها ( يغرم أبوه قدر رقه ) من قيمته ، ويرجع من سيد وزوجة مكاتبه ومبعضة ( مطالبة غار ) لزوج ( ابتداء ) نصا بدون مطالبة الزوج ( والغار من علم رقها ) أي الزوجة أو رق بعضها ( ولم يبينه ) للزوج بل أتى بما يوهمه حريتها ، كما أوضحته في شرح الإقناع

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية