الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس عشر في معرفة أولاد الزبير بن عبد المطلب وأولاد حمزة -رضي الله عنهما- وأولاد أبي لهب

                                                                                                                                                                                                                              أولاد الأول ثلاثة :

                                                                                                                                                                                                                              ذكر وأنثيان ، فالذكر عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب القرشي الهاشمي ، وأمه عاتكة بنت أبي وهب بن عمرو بن عائذ المخزومية ، أدرك الإسلام ، وأسلم ، وثبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم حنين فيمن ثبت . وقتل يوم أجنادين في خلافة أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- شهيدا فوجد حوله عصبة من الروم قد قتلهم ، ثم أثخنته الجراحة ، وذكر محمد بن عمر الأسلمي أنه أول قتيل قتل بطريق معلم ، برز يدعو إلى المبارزة فبرز إليه عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب ، فاختلفت ضربات ، ثم قتله عبد الله ولم يتعرض لسلبه ، ثم برز آخر يدعو إلى البراز فبرز إليه فاقتتلا بالرمحين ساعة ، ثم صار إلى السيفين فضربه عبد الله على عاتقه ، وهو يقول : خذها وأنا ابن عبد المطلب ، فأثبته وقطع سيفه الدرع ، وأشرع في منكبه ، ثم ولى الرومي [منهزما] فعزم عليه عمرو بن العاص أن لا يبارز . فقال : لا أصبر ، فلما اختلطت السيوف وأخذ بعضها بعضا وجد في ربضة من الروم عشرة حوله مثلا ، وهو مقتول بينهم ، كانت سنه نحوا من ثلاثين سنة ، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول له- : ابن عمي وحبي ، ومنهم من يقول : كان ابن أمي ، ولم يعقب ، قاله ابن قتيبة .

                                                                                                                                                                                                                              والأنثيان : الأولى منهما : وهي ضباعة ، وهي التي أمرها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (بالاستمرار) في الحج ، وكانت تحت المقداد بن الأسود .

                                                                                                                                                                                                                              والثانية : أم الحكم ، كانت تحت ربيعة بن الحارث .

                                                                                                                                                                                                                              وأولاد حمزة -رضي الله تعالى عنه- : عمارة ، ويعلى ، ولم يعقب من ولد حمزة غيره ، أعقب خمسة رجال ، ولم يعقبوا؛ لما سبق بيانه .

                                                                                                                                                                                                                              وأما أولاد أبي لهب فخمسة : عتبة : بعين مهملة مضمومة ، ففوقية ساكنة فموحدة فتاء تأنيث .

                                                                                                                                                                                                                              ومعتب : بميم مضمومة ، فعين مهملة مفتوحة ففوقية مكسورة مشددة . أسلما -رضي الله تعالى عنهما- يوم الفتح ، وكانا قد هربا ، فبعث العباس -رضي الله تعالى عنه- إليهما ودعا لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشهدا معه حنينا ، والطائف ، وفقئت عين معتب يوم حنين ، ولم يخرجا من مكة ولم يأتيا المدينة ، ولهما -رضي الله تعالى عنهما- عقب .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 141 ] ودرة : أسلمت وكانت عند الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب -رضي الله تعالى عنهما- وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              وقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أنت مني وأنا منك" رواه الطبراني برجال الصحيح عنها .

                                                                                                                                                                                                                              وخالدة [بنت أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم ، وأمها أم جميل بنت حرب بن أمية بن عبد شمس . تزوجها أوفى بن حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي ، فولدت له عبيدة وسعيدا وإبراهيم بن أوفى] .

                                                                                                                                                                                                                              وعتيبة : بزيادة تحتية بين الموحدة والفوقية : مات كافرا ، وكان عقد على أم كلثوم بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما جاء الإسلام طلقها .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن خيثمة عن قتادة أن عتيبة لما فارق أم كلثوم جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال : كفرت بدينك وفارقت ابنتك ، لا تجيئني ولا أجيئك ، ثم سطا عليه ، فشق قميص النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو خارج نحو الشام تاجرا ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أما إني أسأل الله أن يسلط عليك كلبه .

                                                                                                                                                                                                                              فخرج مع نفر من قريش حتى نزلوا بمكان من الشام يقال له الزرقة ليلا ، فطاف بهم الأسد تلك الليلة فجعل عتيبة يقول : يا ويل أمي ، هو والله آكلي كما دعا محمد . أقاتلي ابن أبي كبشة وهو بمكة وأنا بالشام ؟ فعدا عليه السبع من بين القوم ، فأخذ برأسه فضمغه ضمغة فقتله بها .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية