الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس عشر في إرساله- صلى الله عليه وسلم- شجاع بن وهب - رضي الله تعالى عنه- إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء

                                                                                                                                                                                                                              قاله ابن إسحاق والواقدي .

                                                                                                                                                                                                                              قال في زاد المعاد : وقيل إنما توجه لجبلة بن الأيهم : هو ابن وهب شجاع بن ربيعة بن أسد الأسدي .

                                                                                                                                                                                                                              قال في زاد المعاد : وقيل : توجه لهما معا ، وقيل : لهرقل مع دحية بن خليفة والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              أسلم قديما ، وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وعاد إلى مكة ، ثم هاجر إلى المدينة ، وشهد بدرا والمشاهد كلها ، استشهد باليمامة وهو ابن بضع وأربعين سنة بعثه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر ذكره الواقدي وابن إسحاق وابن حزم ، وقال ابن هشام . توجه لجبلة بن الأيهم ، وقال أبو عمر لهما معا

                                                                                                                                                                                                                              قال محمد بن عمر الأسلمي : قال الواقدي وابن إسحاق وغيرهما إن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بعث شجاع بن وهب إلى الحارث بن [ ص: 359 ]

                                                                                                                                                                                                                              أبي شمر
                                                                                                                                                                                                                              ، وكتب معه : «بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى الحارث بن أبي شمر ، سلام على من اتبع الهدى وآمن به ، وصدقه ، وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبق لك ملكك ،

                                                                                                                                                                                                                              وختم الكتاب ، وخرج به ، قال شجاع : فأتيته به وهو بغوطة دمشق مشغول بتهيئة الأموال والألطاف لقيصر ، وقد جاء من حمص إلى إيلياء ، فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة ، فقلت لحاجبه : إني رسول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى صاحبك ، فقال : لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا كذا ، وجعل حاجبه وكان روميا اسمه مري يسألني عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما يدعو إليه ، فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ، ويقول : إني قد قرأت الإنجيل فأجد صفة هذا النبي فأنا أومن به وأصدقه ، وأخاف من الحارث أن يقتلني . وكان الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه الحاجب ويقول : هو يخاف قيصر فخرج الحارث يوما وجلس للناس ، ووضع التاج على رأسه ، فأذن لي ، فدخلت عليه ، ودفعت إليه الكتاب فقرأه ، ثم رمى به ، وقال : من ينتزع مني ملكي! أنا سائر إليه ، ولو كان باليمن جئته ، علي بالناس ، فلم يزل يفرض حتى قام ، ثم أمر بالخيل أن تنعل ، وقال : أخبر صاحبك ما ترى ، وكتب إلى قيصر يخبره خبري وما عزم عليه ، فكتب إليه قيصر ألا تسير إليه واله عنه ، ووافني بإيلياء ، فلما جاءه جواب كتابه دعاني ، فقال : متى تريد أن تخرج لصاحبك ؟

                                                                                                                                                                                                                              فقلت : غدا ، فأمر لي بمائة مثقال ذهبا ، ووصلني مري ، وأمر لي بكسوة ونفقة ،

                                                                                                                                                                                                                              وقال : أقرئ رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مني السلام- وأخبره أني متبع دينه قال شجاع : فقدمت على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فأخبرته فقال : «باد ملكه» وأقرأته من مري السلام ، وأخبرته بما قال ، فقال :

                                                                                                                                                                                                                              صدق ،

                                                                                                                                                                                                                              ومات الحارث بن أبي شمر عام الفتح
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية