الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              السابع : تبشير النبي -صلى الله عليه وسلم- إياها ببيت في الجنة

                                                                                                                                                                                                                              روى الشيخان عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر خديجة -رضي الله تعالى عنها- ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني -برجال ثقات- وابن حبان والدولابي ، عن عبد الرحمن بن جعفر -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سئل عن خديجة أنها ماتت قبل أن تنزل الفرائض والأحكام ، قال : أبصرتها على نهر من أنهار الجنة في بيت من قصب ، لا لغو فيه ولا نصب .

                                                                                                                                                                                                                              وعند الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن أبي أوفى -يعني : قصب اللؤلؤ- وعنده في الكبير ، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- : بيت من لؤلؤة مجوفة .

                                                                                                                                                                                                                              الثامن : في كثرة ثناء النبي -صلى الله عليه وسلم- عليها رضي الله تعالى عنها

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد بسند جيد عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة -رضي الله تعالى عنها- أثنى فأحسن الثناء ، عليها ، قالت : فغرت يوما ، فقلت : ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين ، قد أبدلك الله خيرا منها ، فقال : ما أبدلني الله -عز وجل- خيرا منها ، قد آمنت بي إذ كفر الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمني الناس ، ورزقني الله أولادها إذ حرمني أولاد النساء . وفي رواية الشيخين : قد أبدلك الله خيرا منها .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني بإسناد جيد والدولابي عنها -رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة -رضي الله تعالى عنها- لم يكد يسأم من ثناء عليها ، واستغفار لها ، فذكرها ذات يوم فاحتملتني الغيرة ، فقلت : لقد عوضك الله من كبيرة ، قالت : فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غضب غضبا شديدا ، وسقطت في جلدي ، فقلت : اللهم إن ذهب غيظ رسولك لم أعد أذكرها بسوء ما بقيت ، قالت : فلما رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما لقيت ، قال : كيف قلت ؟ ! والله لقد آمنت بي إذ كفر الناس ، وواستني إذ رفضني الناس ، وصدقتني إذ كذبني الناس ، ورزقت من الولد إذ حرمتموه ، فغدا وراح علي شهرا .

                                                                                                                                                                                                                              التاسع : في بره -صلى الله عليه وسلم- أصدقاء خديجة -رضي الله تعالى عنها- بعد موتها

                                                                                                                                                                                                                              روي عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا أتي بالشيء يقول : اذهبوا به إلى فلانة ، فإنها كانت صديقة لخديجة . رواه ابن حبان والدولابي . وفيه : يأتيه ، اذهبوا به إلى بيت فلانة؛ فإنها كانت تحب خديجة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 159 ] وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كانت عجوز تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فيهش لها ويكرمها . وفي لفظ : "كانت عجوز تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال لها : من أنت ؟ فقالت : جثمامة المدينة قال : بل أنت حسانة المدينة ، كيف أنتم ؟ كيف حالكم ؟ كيف كنتم بعدنا ؟ قالت : بخير ، بأبي أنت وأمي يا رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ : كانت تأتي النبي -صلى الله عليه وسلم- امرأة فقلت : يا رسول الله من هذه ؟ وفي لفظ : بأبي أنت وأمي إنك لتصنع بهذه العجوز شيئا لم تصنعه بأحد . وفي لفظ : فلما خرجت ، قلت : يا رسول الله ، تقبل على هذه العجوز هذا الإقبال ؟ ! فقال : "يا عائشة ، إنها كانت تأتينا زمن خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان" . وفي لفظ : "وإن كرم الود من الإيمان" .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية