الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  وقال عمرو بن دينار قلت لعطاء تأثره عن أحد ؟ قال : لا ، ثم أخبرني أن موسى بن أنس أخبره أن سيرين سأل أنسا المكاتبة وكان كثير المال ، فأبى ، فانطلق إلى عمر رضي الله عنه ، فقال : كاتبه فأبى فضربه بالدرة ، ويتلو عمر : فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا فكاتبه .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 119 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 119 ] هكذا وقع " قال عمرو " بدون الضمير المنصوب بعد قال في النسخ المروية عن الفربري ، وظاهره يدل على أن هذا الأثر من عمرو بن دينار ، عن عطاء ، قيل : ليس كذلك لأن النسخة المعتمد عليها من رواية النسفي عن البخاري هكذا ، وقاله عمرو بن دينار بالضمير المنصوب بعد " قال " أي قال القول المذكور عمرو بن دينار ، وفاعل " قلت " هو ابن جريج لا عمرو بن دينار ، حاصله أن عمرو بن دينار قال مثل ما قال عطاء في سؤال ابن جريج عنه لا أن عمرا سأل ذلك عن عطاء مثل ما سأل ابن جريج ، قوله : " تأثره " أي ترويه عن أحد من أثر يأثر أثرا يقال : أثرت الحديث آثره إذا ذكرت عن غيرك ، ومنه قيل : حديث مأثور أي ينقله خلف عن سلف ، قوله : " قال : لا " أي لا آثره عن أحد ، قوله : " ثم أخبرني " القائل بهذا هو ابن جريج ، والمخبر هو عطاء كذا وقع مصرحا في رواية إسماعيل القاضي في أحكام القرآن ، ولفظه : قال ابن جريج ، وأخبرني عطاء أن موسى بن أنس أخبره ابن سيرين ، وهو أبو محمد بن سيرين ، وقد ذكرنا عن قريب ، وظاهره الإرسال لأن موسى لم يدرك وقت سؤال سيرين من أنس الكتابة ، وقد رواه عبد الرزاق ، والطبري من وجه آخر متصل من طريق سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه قال : أرادني سيرين على المكاتبة فأبيت فأتى عمر بن الخطاب فذكر نحوه ، قوله : " فأبى " أي امتنع من فعل الكتابة ، قوله : " فانطلق إلى عمر " وفي رواية إسماعيل بن إسحاق " فاستعداه عليه " ، وزاد في آخر القصة : " فكاتبه أنس " ، وقد ذكرنا عن ابن سعد أنه كاتبه على أربعين ألف درهم .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : روى البيهقي من طريق أنس بن سيرين عن أبيه قال : كاتبني أنس على عشرين ألف درهم ، قلت : أجيب بأنهما إن كانا محفوظين يحمل أحدهما على الوزن والآخر على العدد ، فإن قلت : ضرب عمر أنسا رضي الله تعالى عنهما يدل على أن عمر كان يرى بوجوب الكتابة ، قلت : قال ابن القصار إنما علا عمر أنسا بالدرة على وجه النصح لأنس ، ولو كانت الكتابة لزمت أنسا ما أبى ، وإنما ندبه عمر إلى الأفضل انتهى ، وفيه نظر لا يخفى لأن الضرب غير موجه على ترك المندوب خصوصا من مثل عمر لمثل أنس رضي الله تعالى عنهما ، ولا سيما تلا عمر قوله : تعالى : " فكاتبوهم " الآية عند ضربه إياه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية