الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2366 16 - حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا جويرية بن أسماء ، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر اليهود أن يعملوها ، ويزرعوها ، ولهم شطر ما يخرج منها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث ، وهو أن فيه مشاركة اليهود في مزارعة خيبر من حيث إنه صلى الله عليه وسلم جعل لهم شطر ما يخرج من الزراعة من خيبر ، والشطر الباقي يصرف للمسلمين ، وهؤلاء اليهود كانوا أهل ذمة ، وألحق المشركون بهم ; لأنهم في حكم أهل الذمة لكونهم مستأمنين كما ذكرنا ، والحديث قد مضى في أوائل كتاب المزارعة في مواضع ، وقد مر الكلام فيه هناك ، ونذكر بعض شيء من ذلك .

                                                                                                                                                                                  قوله : " أن يعملوها " ، أي : يزرعوا بياض أرضها ، ولذلك سموا المساقاة . وفيه إثبات المساقاة ، والمزارعة ، ومالك لا يجيزه . قوله : " ولهم شطر ما يخرج منها " ، أي : من أرض خيبر التي يزرعونها .

                                                                                                                                                                                  وفيه دليل على أن رب الأرض والشجر إذا بين حصة نفسه جاز ، وكان الباقي للعامل ، كما لو بين حصة [ ص: 62 ] العامل ، وقال بعض الفقهاء : إذا سمى حصة نفسه لم يكن الباقي للعامل حتى يسمي له حصته ، واحتج به أحمد أنه إذا كان البذر من عند العامل جاز ، وذهب ابن أبي ليلى وأبو يوسف إلى أنها جائزة ، سواء كان البذر من عند الأكار ، أو رب الأرض ، وقال ابن التين : استدل به من أجاز قرض النصراني ، ولا دليل فيه ; لأنه قد يعمل بالربا ونحوه بخلاف المسلم ، والعمل في النخل والزرع لا يختلف فيه عمل يهودي من نصراني ، ولو كان المسلم فاسقا يخشى أن يعمل به ذلك كره أيضا كالنصراني بل أشد . وقال المهلب : وكل ما لا يدخله ربا ولا ينفرد به الذمي فلا بأس بشركة المسلم له فيه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية