الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  " وقول الله " بالجر عطف على قوله " الهدية " ; أي وفي بيان قول الله تعالى : لا ينهاكم الله إلى آخر الآية في رواية أبي ذر وأبي الوقت ، وفي رواية الباقين ذكر إلى قوله " وتقسطوا إليهم " ، والمراد من ذكر الآية بيان من تجوز له الهدية من المشركين ومن لا تجوز ، وليس حكم الهدية إليهم على الإطلاق .

                                                                                                                                                                                  ثم الآية الكريمة نزلت في قتيلة امرأة أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، وكان قد طلقها في الجاهلية ، فقدمت على ابنتها أسماء بنت أبي بكر فأهدت لها قرظا وأشياء فكرهت قبولها حتى ذكرته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية المذكورة ، كذا قاله الطبري . وقيل : نزلت في مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين ولم يخرجوهم من ديارهم . وقال مجاهد : هو خطاب للمؤمنين الذين بقوا بمكة ولم يهاجروا والذين قاتلهم كفار أهل مكة . وقال السدي : كان هذا [ ص: 173 ] قبل أن يؤمروا بقتال المشركين كافة ، فاستشار المسلمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قراباتهم من المشركين أن يبروهم ويصلوهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال قتادة وابن زيد : ثم نسخ ذلك ، ولا يجوز الإهداء للمشركين إلا للأبوين خاصة ; لأن الهدية فيها تأنيس للمهدى إليه وإلطاف له وتثبيت لمودته ، وقد نهى الله تعالى عن التودد للمشركين بقوله : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية ، وقوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة قوله أن تبروهم وتقسطوا إليهم ; أي أن تحسنوا إليهم وتعاملوهم فيما بينكم بالعدل ، وتقسطوا - بضم التاء - من الإقساط وهو العدل ، يقال أقسط يقسط فهو مقسط إذا عدل ، وقسط يقسط فهو قاسط إذا جار ، فكأن الهمزة في أقسط للسلب كما يقال شكا إليه فأشكاه أي أزال شكواه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية