الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2473 47 - وقال أبو هريرة : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل قرية فيها مالك أو جبار ، فقال : أعطوها آجر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ذكر هذا التعليق مختصرا ، وأخرجه موصولا في كتاب البيوع في باب شراء المملوك من الحربي ، وقد تقدم الكلام فيه هناك ، وأخرجه أيضا موصولا في أحاديث الأنبياء عليهم السلام .

                                                                                                                                                                                  وقصته على ما قال علماء السير أن إبراهيم أقام بالشام مدة ، فقحط الشام فسار إلى مصر ومعه سارة ولوط عليهم السلام ، وكان بها فرعون ، وهو أول الفراعنة ، عاش دهرا طويلا ، واختلفوا فيه ; فقال قوم هو سنان بن علوان بن عبيد بن عويج بن عملاق بن ود بن سام بن نوح عليه السلام ، وقيل سنان بن الأهبوب أخو الضحاك وهو الذي بعثه إلى مصر وأقام بها ، وقيل عمرو بن امرئ القيس بن نابليون بن سبأ ، وقيل طوليس . وكانت سارة من أجمل النساء ، وكانت لا تعصي لإبراهيم عليه السلام شيئا فلذلك أكرمها الله تعالى ، فأتى الجبار رجل وقال : إنه قدم رجل ومعه امرأة من أحسن الناس وجها ! ووصف له حسنها وجمالها ، فأرسل الجبار إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقال : ما هذه المرأة منك ؟ قال : هي أختي . وخاف إن قال امرأتي أن يقتله ، فقال له : زينها وأرسلها إلي ولا تمتنع حتى أنظر إليها . فرجع إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سارة وقال لها : إن هذا الجبار قد سألني عنك فأخبرته أنك أختي ، فلا تكذبيني عنده فإنك أختي في كتاب الله تعالى ، وإنه ليس في هذه الأرض مسلم غيري وغيرك ولوط . ثم أقبلت سارة إلى الجبار ، وقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام يصلي ، فلما دخلت عليه ورآها فتناولها بيده فيبست إلى صدره ، فلما رأى ذلك فرعون أعظم أمرها وقال لها : سلي إلهك أن يطلق عني ، فوالله لا أوذيك . فقالت سارة : اللهم إن كان صادقا فأطلق له يده ! فأطلق الله له يده ، وقيل فعل ذلك ثلاث مرات ، فلما رأى ذلك ردها إلى إبراهيم ووهب لها هاجر وهي التي ذكرت في حديث الباب " آجر " وهي لغة في هاجر ، فأقبلت سارة إلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام فلما أحس بها انفتل من صلاته فقال : مهيم ؟ فقالت : كفى الله كيد الفاجر وأخدمني هاجر .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في هاجر ; فقال مقاتل : كانت من ولد هود عليه الصلاة والسلام . وقال الضحاك : كانت بنت ملك مصر ، وكان الملك ساكنا بمنف وعليه ملك آخر . وقيل : إنما غلبه فرعون فقتله وسبى ابنته فاسترقها ووهبها لسارة ، ووهبتها سارة لإبراهيم فواقعها إبراهيم عليه الصلاة والسلام فولدت إسماعيل ، وسارة بنت هاران أخ إبراهيم عليه الصلاة والسلام . قال ابن كثير : والمشهور أن سارة ابنة عمه هاران أخت لوط عليه الصلاة والسلام كما حكاه السهيلي ، ومن ادعى أن تزويج بنت الأخ كان إذ ذاك مشروعا فليس له على ذلك دليل ، ولو فرض أنه كان مشروعا وهو منقول عن الربانيين من اليهود كان الأنبياء عليهم السلام لا يتعاطونه . وقال السدي : وكانت سارة بنت ملك حران ، وكان [ ص: 170 ] قد بلغها خبر الخليل عليه الصلاة والسلام فآمنت به وعابت على قومها عبادة الأوثان ، فلما قدم الخليل حران تزوجته على أن لا يغيرها ، وذهب بعض العلماء إلى نبوة ثلاث نسوة : سارة ، وأم موسى ، ومريم - عليهن السلام ، والذي عليه الجمهور أنهن صديقات .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية