الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2368 18 - حدثنا أصبغ بن الفرج ، قال : أخبرني عبد الله بن وهب ، قال : أخبرني سعيد ، عن زهرة بن معبد ، عن جده عبد الله بن هشام ، وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ، وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت يا رسول الله ، بايعه ، فقال : هو صغير ، فمسح رأسه ، ودعا له . وعن زهرة بن معبد ، أنه كان يخرج به جده عبد الله بن هشام إلى السوق ، فيشتري الطعام فيلقاه ابن عمر وابن الزبير رضي الله عنهم ، فيقولان له أشركنا ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد دعا لك بالبركة فيشركهم فربما أصاب الراحلة كما هي فيبعث بها إلى المنزل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا الحديث إلى آخر الباب حديث واحد غير أنه ذكر بعد قوله : " ودعا له " وعن زهرة بن معبد ، وهو أيضا موصول بالسند الأول ، والمطابقة بينه وبين الترجمة في قوله : " فيقولان له : أشركنا... " إلى آخره .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم خمسة : الأول : أصبغ بن الفرج بالجيم أبو عبد الله مر في الوضوء . الثاني : عبد الله بن وهب بن مسلم أبو محمد . الثالث : سعيد هو ابن أبي أيوب الخزاعي ، واسمه أبو أيوب مقلاص . الرابع : زهرة ، بضم الزاي ، وسكون الهاء من الأسماء المشتركة بين الذكور والإناث ابن معبد ، بفتح الميم ، وسكون العين المهملة ، وفتح الباء الموحدة ابن عبد الله بن هشام ، أبو عقيل بفتح العين . الخامس : جده عبد الله بن هشام بن زهرة التيمي من بني عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة رهط أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه ، وهشام مات قبل الفتح كافرا ، وقد شهد عبد الله بن هشام فتح مصر فاختط بها ذكره ابن يونس وغيره ، وعاش إلى خلافة معاوية .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع ، والإخبار بصيغة الإفراد في موضعين ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه القول في موضعين ، وفيه أن رواته كلهم مصريون ، وفيه أن شيخه من أفراده ، وفيه أن عبد الله بن هشام أيضا من أفراده ، وفيه رواية الراوي عن جده ، وفيه سعيد ذكر مجردا عن نسبه ، وفي رواية ابن شبويه سعيد هو ابن أبي أيوب ، وفيه عن زهرة ، وفي رواية أبي داود من رواية المقري : حدثني سعيد ، حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في الدعوات ، عن عبد الله بن يوسف ، عن ابن وهب ، وفي الشركة أيضا ، عن علي بن عبد الله ، عن عبد الله بن يزيد ، عن سعيد به ، وأخرجه أبو داود في ( الخراج ) ، عن عبيد الله بن عمر القواريري ، عن عبد الله بن يزيد المقري ، عن سعيد به ، ولم يقل : ودعا له .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) . قوله : " وكان قد أدرك النبي صلى الله تعالى عليه وسلم " . ذكر ابن منده أنه أدرك [ ص: 64 ] من حياة النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ست سنين . قوله : وذهبت به أمه زينب بنت حميد ، بضم الحاء ابن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ، وهي من الصحابيات . قوله : " بايعه " أمر من المبايعة ، وهي المعاقدة على الإسلام كأن كل واحد من المبايعين باع ما عنده من صاحبه ، وأعطاه خالصة نفسه ، وطاعته ، ودخيلة أمره ، وعلل صلى الله تعالى عليه وسلم لترك المبايعة بقوله : " هو صغير " ، ولكنه مسح رأسه ، ودعا له . قوله : " وعن زهرة " ، قد ذكرنا أنه موصول بالإسناد المذكور . قوله : " فيقولان له " ، أي : يقول ابن عمر ، وابن الزبير لعبد الله بن هشام : أشركنا ، بفتح الهمزة ، يعني اجعلنا شريكين لك في الطعام الذي اشتريته . قوله : " فيشركهم " ، بضم الياء ، أي : فيجعلهم شركاء معه فيما اشتراه . قوله : " فربما أصاب الراحلة " ، أي : من الربح . قوله : " كما هي " ، أي : بتمامها .

                                                                                                                                                                                  وفيه من الفوائد مسح رأس الصغير ، وفيه ترك مبايعة من لم يبلغ ، وقال الداودي : وكان يبايع المراهق الذي يطيق القتال ، وفيه الدخول في السوق لطلب المعاش ، وطلب البركة حيث كانت ، وفيه الرد على جهلة المتزهدة في اعتقادهم أن السعة من الحلال مذمومة ، نبه عليه ابن الجوزي ، وفيه أن الصغير إذا عقل شيئا من الشارع كان ذلك صحبة ، قاله الداودي ، وقال ابن التين : فيه نظر . وفيه أن النساء كن يذهبن بالأطفال إلى النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم . وفيه طلب التجارة ، وسؤال الشركة ، وفيه معجزة من معجزات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وهي إجابة دعائه في عبد الله بن هشام ، وفيه أن لفظ : أشركتك إذا أطلق يكون تشريكا في النصف . قال الكرماني : قاله الفقهاء .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية