الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2538 47 - حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال : أخبرنا سعيد بن سليمان قال : حدثنا مروان بن شجاع ، عن سالم الأفطس ، عن سعيد بن جبير قال : سألني يهودي من أهل الحيرة : أي الأجلين قضى موسى ؟ قلت : لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله ، فقدمت فسألت ابن عباس فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله : إذا قال فعل ، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما موسى أو غيره على ما نذكره من محاسن أخلاقه من إنجاز وعده ، وكذا أي رسول كان لأن وعدهم صادق ولا خلف عندهم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله )

                                                                                                                                                                                  وهم ستة : الأول : محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى كان يقال له صاعقة ، الثاني : سعيد بن سليمان المشهور بسعدويه البغدادي وقد مر ، الثالث : مروان بن شجاع أبو عمرو مولى مروان بن محمد بن الحكم القرشي الأموي الجزري ، مات ببغداد سنة أربع وثمانين ومائة ، الرابع : سالم بن عجلان الأفطس قتل صبرا سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، الخامس : سعيد بن جبير ، السادس : عبد الله بن عباس .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 260 ] ( ذكر لطائف إسناده )

                                                                                                                                                                                  فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين ، وفيه الإخبار كذلك في موضع ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه سؤال اليهودي عن سعيد بن جبير وسؤال سعيد عن ابن عباس ، وفيه أن سالما ليس له رواية في البخاري إلا هذا وآخر في الطب ، وكذا الراوي عنه مروان ، وفيه أن سعيد بن سليمان من مشايخ البخاري ، وكثيرا يروي عنه بدون الواسطة ، وهنا روى عنه بواسطة وهو محمد بن عبد الرحيم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه )

                                                                                                                                                                                  قوله : ( من أهل الحيرة ) بكسر الحاء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وفتح الراء مدينة معروفة بالعراق قريب الكوفة وكانت للنعمان بن المنذر ، قوله : ( أي الأجلين ) أي المشار إليهما في قوله تعالى : ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك قوله : ( حتى أقدم ) أي على ابن عباس بمكة ، قوله : ( على حبر العرب ) بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة ، ونص أبو العباس في فصيحه على فتح الحاء ، وفي ( المخصص ) عن صاحب ( العين ) : هو العالم من علماء الديانة مسلما كان أو ذميا بعد أن يكون كتابيا والجمع أحبار ، وذكر المطرز عن ثعلب : يقال للعالم حبر وحبر ، وقال المبرد : سمي حبرا لأنه مما يحبر به الكتب أي تحسن ، وفي ( الواعي ) : سمي العالم حبرا لتأثيره في الكتب لأن الحبر والحبار الأثر ، وقال ابن الأثير : وكان يقال لابن عباس الحبر والبحر لعلمه وسعته ، واختلفوا فيمن سماه بذلك ، فذكر أبو نعيم الحافظ أن عبد الله انتهى يوما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده جبريل عليه السلام فقال له : " إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا " ، وفي ( المنثور ) لابن دريد الأزدي : أن عبد الله بن سعد بن أبي سرح لما أرسل ابن عباس رسولا إلى جرجير ملك المغرب فتكلم معه ، فقال له جرجير : ما ينبغي إلا أن يكون حبر العرب ، فسمي عبد الله من يومئذ الحبر ، قوله : ( قضى أكثرهما وأطيبهما ) كذا رواه سعيد بن جبير موقوفا ، وهو في حكم المرفوع لأن ابن عباس كان لا يعتمد على أهل الكتاب ، وقد صرح برفعه عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سأل جبريل عليه السلام " أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : أتمهما وأكملهما " وفي حديث جابر : " أوفاهما " ، وفي حديث أبي سعيد : " أتمهما وأطيبهما عشر سنين " ، والمراد بالأطيب أي في نفس شعيب عليه السلام ، قوله : ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قال فعل ) قال الكرماني : أي موسى عليه السلام أو أراد جنس الرسول فيتناوله تناولا أوليا ، وقال بعضهم : المراد برسول الله من اتصف بذلك ولم يرد شخصا بعينه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية