الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2551 8 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا غندر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق قال : سمعت البراء بن عازب رضي الله عنهما قال : " لما صالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب : محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال المشركون : لا تكتب محمد رسول الله لو كنت رسولا لم نقاتلك ، فقال لعلي : امحه ، فقال علي : ما أنا بالذي أمحاه ، فمحاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام ولا يدخلوها إلا بجلبان السلاح ، فسألوه ما جلبان السلاح ؟ فقال : القراب بما فيه "

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله فكتب محمد رسول الله حيث لم يذكر اسم أبيه ولا اسم جده لأنه لم يكن هذا الاسم إلا له كما ذكرناه عن قريب ، وغندر هو محمد بن جعفر ، وأبو إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم في المغازي عن أبي موسى وبندار كلاهما ، وعن غندر وعن عبيد الله بن معاذ عن أبيه ، وأخرجه أبو داود في الحج عن أحمد بن حنبل عن غندر .

                                                                                                                                                                                  قوله : ( امحه ) أمر بفتح الحاء وضمها يقال : محوت الشيء أمحوه وأمحاه ، وقول علي رضي الله تعالى عنه : ما أنا بالذي أمحاه ، ليس بمخالفة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنه علم بالقرينة أن الأمر ليس للإيجاب ، قوله : ( إلا بجلبان السلاح ) بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة كذا ضبطه ابن قتيبة ، وبعض المحدثين قال : وهو أوعية السلاح بما فيها ، قال : وما أراه سمي به إلا بجفائه ، ولذلك قيل للمرأة الجافية الغليظة جلبانة ، وقد فسر في الحديث بأنها القراب بكسر القاف وتخفيف الراء وفي آخره باء موحدة وهو شيء يخرز من الجلد يضع فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه ويعلقه في الرحل ، وقال [ ص: 276 ] الأزهري : القراب غمد السيف ، والجلبان من الجلبة وهي الجلدة التي تجعل على القتب والجلدة التي تغشى التميمة لأنها كالغشاء للقراب ، قال الخطابي : الجلبان يشبه الجراب من الأدم يضع الراكب فيه سيفه بقرابه ويضع فيه سوطه يعلقه الراكب من وسط رحله أو من آخره ، ويحتمل أن تكون اللام ساكنة وهو جلب بضم الجيم واللام وتشديد الباء ، ودليله قوله في رواية مؤمل عن سفيان : " إلا بجلب السلاح " قال : وجلب نفس السلاح ، كجلب الرحل نفس عيبته ، كأنه يراد به نفس السلاح وهو السيف خاصة من غير أن يكون معه من أدوات الحرب من لأمة ورمح وجحفة ونحوها ليكون علامة للأمن ، والعرب لا تضع السلاح إلا في الأمن ، قال : وقد جاء جربان السيف في هذا المعنى ، وقال الأصمعي : الجربان قراب السيف فلا ينكر أن يكون ذلك من باب تعاقب اللام والراء والذي ضبطه في أكثر الكتب بجلب السلاح بضم اللام وتشديد الباء ، وضبطه الجوهري وابن فارس جربان بضم الراء وتشديد الباء ، وقال ابن فارس : جربان السيف قرابه ، وقيل حده ، قوله : ( القراب بما فيه ) تفسير الجلبان ، وفسر أيضا بالسيف والقوس ونحوه ، وفي رواية : " لا يدخل مكة سلاحا إلا في القراب " وفي لفظ : " ولا يحمل سلاحا إلا سيوفا " .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية