الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2359 9 - حدثنا عمران بن ميسرة ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن [ ص: 51 ] عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أعتق شقصا له من عبد أو شركا ، أو قال : نصيبا ، وكان له ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل فهو عتيق ، وإلا فقد عتق منه ما عتق . قال : لا أدري قوله عتق منه ما عتق قول من نافع ، أو في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : " بقيمة العدل " .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) ، وهم خمسة : الأول : عمران بن ميسرة ضد الميمنة مر في العلم . الثاني : عبد الوارث بن سعيد التميمي العنبري . الثالث : أيوب بن أبي تميمة السختياني . الرابع : نافع مولى ابن عمر . الخامس : عبد الله بن عمر .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع ، وفيه العنعنة في موضعين ، وفيه أن شيخه من أفراده ، وأن عبد الوارث وأيوب بصريان ، وأن نافعا مدني .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في العتق ، عن أبي النعمان ، عن حماد بن زيد ، وأخرجه مسلم في النذور عن زهير بن حرب ، وفيه وفي العتق عن أبي الربيع الزهراني ، وأبي كامل الجحدري ، وأخرجه أبو داود في العتق عن أبي الربيع به ، وعن مؤمل بن هشام ، وأخرجه الترمذي في الأحكام ، عن أحمد بن منيع ، عن إسماعيل به ، وأخرجه النسائي في البيوع عن عمرو بن علي ، وفي العتق عن إسحاق بن إبراهيم ، وعن عمرو بن زرارة ، وعن محمد بن يحيى .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) . قوله : " شقصا " ، بكسر الشين المعجمة ، وسكون القاف ، وبالصاد المهملة ، وهو النصيب قليلا أو كثيرا ، ويقال له : الشقيص أيضا بزيادة الياء مثل نصف ونصيف ، ويقال له أيضا : الشرك ، بكسر الشين أيضا ، وقال ابن دريد : الشقص هو القليل من كل شيء ، وقال القزاز : لا يكون إلا القليل من الكثير ، وقال في ( الجامع ) : الشقص النصيب والسهم ، تقول لي في هذا المال شقص ، أي : نصيب قليل ، والجمع أشقاص ، وقد شقصت الشيء إذا جزأته ، وقال ابن سيده : وقيل : هو الحظ ، وجمعه شقاص ، وقال الداودي : الشقص والسهم ، والنصيب والحظ ، كله واحد . ( قلت ) : وفيه تحرز الراوي عن مخالفة لفظ الحديث ، وإن أصاب المعنى ; لأن النصيب والشرك والشقص بمعنى واحد ، ولما شك فيه الراوي أتى بهذه الألفاظ تحريا ، وتحرزا عن المخالفة ، وقد اختلف في وجوب ذلك واستحبابه ، ولا خلاف في الاستحباب ، وذهب غير واحد إلى جواز الرواية بالمعنى للعالم بما يحيل الألفاظ دون غيره . قوله : " من عبد " ، يتناول الذكر والأنثى ، فأما الذكر فبالنص ، وأما الأنثى فقيل : إن اللفظ يتناولها أيضا بالنص ، فإن إطلاق لفظ العبد يتناول كلا منهما . قال ابن العربي : وذلك ; لأنها صفة فيقال عبد وعبدة ، فإذا أطلقت القول يتناول الذكر والأنثى ، وقيل : إنما يثبت ذلك في الأنثى بالقياس الجلي إذ المعنى الموجود في الذكر موجود في الأنثى ; لأن وصف الذكورة والأنوثة لا تأثير له في الوصف المقتضي للحكم . وقال إمام الحرمين : إدراك كون الأمة فيه كالعبد حاصل للسامع قبل التفطن لوجه الجمع . ( قلت ) : في ( صحيح البخاري ) التصريح بالأمة من رواية موسى بن عقبة ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه كان يفتي في العبد أو الأمة يكون بين الشركاء فيعتق أحدهم نصيبه منه ، وفي آخره يخبر ذلك عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وسيأتي في الحديث الثاني في الباب : من أعتق شقيصا من مملوك ، وهذا شامل للعبد والأمة أيضا ، وحكي عن إسحاق بن راهويه تخصيص هذا الحكم بالعبيد دون الإماء . قال النووي : وهذا القول شاذ مخالف للعلماء كافة . قوله : " وكان له " ، أي : للمعتق . قوله : " ثمنه " ، أي : ثمن العبد بتمامه . قوله : " بقيمة العدل " ، وهو أن يقوم على أن كله عبد ، ولا يقوم بعيب العتق ، قاله أصبغ وغيره ، وقيل : يقوم على أنه مسه العتق ، وفي لفظ قوم عليه بأعلى القيمة ، وعند الإسماعيلي ، لا وكس ، ولا شطط . قوله : " فهو عتيق " ، أي : العبد كله عتيق ، أي : معتوق بعضه بالإعتاق ، وبعضه بالسراية . قوله : " وإلا " ، أي : وإن لم يكن له ما يبلغ ثمنه فقد عتق منه ما عتق ، أي : ما عتقه ، يعني المقدار الذي عتقه ، والعين مفتوحة في عتق الأول وعتق الثاني . وقال الداودي : يجوز ضم العين في الثاني . وتعقبه ابن التين ، فقال : هذا لم يقله غيره ، ولا يعرف عتق بالضم ; لأن الفعل لازم غير متعد وإن كان سيبويه أجازه على أنه أقام المصدر مقام ما لم يسم فاعله . قلت : لأن الفعل لازم صحيح ; لأنه يقال : عتق العبد عتقا وعتاقة وعتاقا ، فهو عتيق ، وهم عتقاء ، وأعتقه مولاه . وفي ( المغرب ) ، وقد يقام العتق مقام الإعتاق . وقال ابن الأثير : يقال : أعتقت العبد أعتقه عتقا وعتاقة فهو معتق ، وأنا معتق ، وعتق فهو عتيق ، أي : حررته ، [ ص: 52 ] وصار حرا . قوله : " قال : لا أدري " ، أي قال أيوب : قاله الطرقي ، وكذا في ( صحيح الإسماعيلي ) . قال أيوب فذكره ، قال : وفي رواية المعلى ، عن حماد ، عن أيوب ، قاله نافع .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر ما يستفاد منه ) ، وهو على أنواع :

                                                                                                                                                                                  الأول : في بيان مسألة الترجمة ، وهو التقويم في قسمة الرقيق ، فعند أبي حنيفة والشافعي لا تجوز قسمته إلا بعد التقويم ، واحتجا بهذا الحديث ، وبالحديث الذي بعده ، قالا : أجاز صلى الله عليه وسلم تقويمه في البيع للعتق ، فكذلك تقويمه في القسمة ، وقال مالك ، وأبو يوسف ، ومحمد : يجوز قسمته بغير تقويم إذا تراضوا على ذلك ، وحجتهم أنه صلى الله عليه وسلم قسم غنائم حنين ، وكان أكثرها السبي والماشية ، ولا فرق بين الرقيق ، وسائر الحيوانات ، ولم يذكر في شيء من السبي تقويم . ( قلت ) : مذهب أبي حنيفة أن الرقيق لا يقسم إلا إذا كان معه شيء آخر للتفاوت فيه ، والتفاوت في الآدمي فاحش لتفاوت المعاني الباطنة كالذهن ، والكياسة ، والأمانة ، والفروسية ، والكتابة فيعتذر التعديل إلا إذا كان معه شيء آخر ، فحينئذ يقسم قسمة الجميع من غير رضا الشركاء ، فيجعل الرقيق تبعا كبيع الشرب ، والطريق ، ونحوهما . وقال أبو يوسف ومحمد : يقسم الرقيق جبرا ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد لاتحاد الجنس ، وإنما التفاوت في القيمة ، وذا لا يمنع صحة القسمة ، كما في الإبل ، والبقر ، ورقيق الغنم ، والجواب من جهة أبي حنيفة أن التفاوت في الحيوانات يقل عند اتحاد الجنس ، ألا يرى أن الذكر والأنثى من بني آدم جنسان ، ومن الحيوانات جنس واحد ، ألا يرى أنه إذا اشترى شخصا على أنه عبد فإذا هو جارية لا ينعقد العقد ، ولو اشترى غنما أو إبلا على أنه ذكر فإذا هو أنثى ينعقد العقد بخلاف المغانم ; لأن حق المغانمين في المالية حتى كان للإمام بيعها ، وقسمة ثمنها بينهم ، وفي الرقيق شركة الملك يتعلق بالعين والمالية فافترق حكمهما فلا يجوز قياس أحدهما على الآخر .

                                                                                                                                                                                  الثاني : احتج مالك ، والشافعي ، وأحمد بالحديث المذكور ، أنه إذا كان عبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه ، فإن كان له مال غرم نصيب صاحبه ، وعتق العبد من ماله ، وإن لم يكن له مال عتق من العبد ما عتق ، ولا يستسعى . قال الترمذي : وهذا قول أهل المدينة ، وعند أبي حنيفة أن شريكه مخير إما أنه يعتق نصيبه ، أو يستسعى العبد والولاء في الوجهين لهما ، أو يضمن المعتق قيمة نصيبه لو كان موسرا أو يرجع بالذي ضمن على العبد ، ويكون الولاء للمعتق ، وعند أبي يوسف ومحمد ليس له إلا الضمان مع اليسار ، أو السعاية مع الإعسار ، ولا يرجع المعتق على العبد بشيء ، والولاء للمعتق في الوجهين ، واحتج أبو حنيفة بما رواه البخاري أيضا : من أعتق شقصا له في مملوك فخلاصه عليه في ماله إن كان له مال ، وإلا قوم عليه ، واستسعى به غير مشقوق ، أي : لا يشدد عليه . ورواه مسلم أيضا ، فثبت السعاية بذلك ، وقال ابن حزم : على ثبوت الاستسعاء ثلاثون صحابيا ، وقوله : " وإلا فقد عتق منه ما عتق " لم تصح هذه الزيادة عن الثقة أنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم حتى قال أيوب ، ويحيى بن سعيد الأنصاري : أهو شيء في الحديث ، أو قاله نافع من قبله ، وهما الراويان لهذا الحديث ، وقال ابن حزم في ( المحلى ) هي مكذوبة .

                                                                                                                                                                                  واعلم أن هاهنا أربعة عشر مذهبا : الأول : مذهب عروة ، ومحمد بن سيرين ، والأسود بن يزيد ، وإبراهيم النخعي ، وزفر ، أن من أعتق شركا له في عبد ضمن قيمة حصة شريكه موسرا كان أو معسرا ، ورووا ذلك عن عبد الله بن مسعود وعمر بن الخطاب . الثاني : مذهب ربيع أن من أعتق حصة له من عبد بينه وبين آخر لم ينفذ عتقه، نقله أبو يوسف عنه . الثالث : مذهب الزهري ، وعبد الرحمن بن يزيد ، وعطاء بن أبي رباح ، وعمرو بن دينار ، أنه ينفذ عتق من أعتق ، ويبقى من لم يعتق على نصيبه يفعل فيه ما شاء . الرابع : مذهب عثمان الليثي فإنه ينفذ عتق الذي أعتق في نصيبه ، ولا يلزمه شيء لشريكه إلا أن تكون جارية رائعة إنما تلتمس للوطء ، فإنه يضمن للضرر الذي أدخل على شريكه . الخامس : مذهب الثوري ، والليث ، والنخعي في قول ، فإنهم قالوا : إن شريكه بالخيار إن شاء أعتق ، وإن شاء ضمن المعتق . السادس : مذهب ابن جريج ، وعطاء بن أبي رباح في قول : إنه إن أعتق أحد الشريكين نصيبه استسعى العبد ، سواء كان المعتق معسرا أو موسرا . السابع : مذهب عبد الله بن أبي يزيد أنه إن أعتق شركا له في عبد وهو مفلس ، فأراد العبد أخذ نصيبه بقيمته فهو أولى بذلك إن نقد . الثامن : مذهب ابن سيرين أنه إذا أعتق نصيبه في عبد فباقيه يعتق من بيت مال المسلمين . التاسع : مذهب مالك أن المعتق إن كان موسرا قوم عليه حصص شركائه ، وأغرمها لهم ، وأعتق كله بعد التقويم لا قبله ، وإن شاء الشريك أن يعتق حصته فله ذلك ، وليس له أن يمسكه رقيقا ، ولا أن يكاتبه ، ولا أن يبيعه ، ولا أن يدبره وإن كان معسرا فقد عتق ما أعتق ، والباقي رقيق يبيعه الذي هو له إن شاء ، أو [ ص: 53 ] يمسكه رقيقا ، أو يكاتبه ، أو يهبه ، أو يدبره ، وسواء أيسر المعتق بعد عتقه أو لم يوسر . العاشر : مذهب الشافعي في قول ، وأحمد وإسحاق ، أن الذي أعتق إن كان موسرا قوم عليه حصة من شركه ، وهو حر كله حين أعتق الذي أعتق نصيبه ، وليس لمن يشركه أن يعتقه ، ولا أن يمسكه ، وإن كان معسرا فقد عتق ما عتق ، وبقي سائره مملوكا يتصرف فيه مالكه كيف شاء . الحادي عشر : مذهب عبد الله بن شبرمة والأوزاعي ، والحسن بن حي ، وسعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والشعبي ، والحسن البصري ، وحماد بن أبي سليمان ، وقتادة كمذهب أبي يوسف ، ومحمد ، وقد ذكرناه . الثاني عشر : مذهب أبي حنيفة ، وقد ذكرناه . الثالث عشر : مذهب بكير بن الأشج ، فإنه قال في رجلين بينهما عبد فأراد أحدهما أن يعتق ، أو يكاتب ، فإنهما يتقاومانه . الرابع عشر : مذهب الظاهرية أنه إذا أعتق أحد نصيبه من العبد المشترك يعتق كله حين تلفظ بذلك ، فإن كان له مال يفي بقيمة حصة شريكه على حسب طاقته ليس للشريك غير ذلك ، ولا له أن يعتق ، والولاء للذي أعتق أولا ، ولا يرجع العبد على من أعتقه بشيء مما سعى فيه حدث له مال ، أو لم يحدث .

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث : فيه دليل على صحة عتق الموسر وتبرعاته من الصدقة ونحوها ، وهو قول جمهور العلماء ، وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان معسرا لا يصح عتق نصيبه ، ويبقى العبد جميعه في الرق، وحكاه القاضي عياض ، وقد ادعى ابن عبد البر الاتفاق على خلافه ، فقال : وقد أجمع العلماء على القول بنفوذ العتق من الشخص ، سواء كان المعتق معسرا أو موسرا .

                                                                                                                                                                                  النوع الرابع : يستدل بعموم قوله : " من أعتق " على أن الحكم فيه عام في جميع من يصح منه العتق ، سواء كان المعتق ، أو الشريك ، أو العبد المعتق مسلما ، أو كافرا .

                                                                                                                                                                                  النوع الخامس : فيه أن المال الغائب كالحاضر ; لأنه مالك عليه فيعتق عليه حصة شريكه بالسراية ، ويطالبه بقيمة حصته ، وفيه خلاف للمالكية .

                                                                                                                                                                                  النوع السادس : قال شيخنا في قوله : " ما يبلغ ثمنه " حجة لأحد الوجهين لأصحاب الشافعي أنه إذا ملك ما يبلغ بعض ثمن حصة شريكه أنه لا يعتق عليه .

                                                                                                                                                                                  النوع السابع : في أن المراد بقوله : " فكان له من المال ما يبلغ ثمنه " ، هو ما يفضل عن قوت يومه ، وقوت من يلزمه نفقته ، وسكنى يومه ، ودست ثوب ، كما هو المعتبر في الديون ، وهو قول الجماهير من العلماء ، وبه جزم الرافعي فإنه قال : وليس اليسار المعتبر في هذا الباب كاليسار المعتبر في الكفارة المرتبة ، وكذا قال ابن الماجشون من المالكية ، وقال أشهب : يباع عليه ثياب ظهره ، ولا يترك له إلا ما يصلي فيه ، وقال ابن القاسم : يباع عليه منزله الذي يسكنه ، وشوار بيته ، ولا يترك له إلا كسوة ظهره ، وعيشة الأيام .

                                                                                                                                                                                  النوع الثامن : في قوله : " من أعتق " ، دليل على أنه لا فرق بين أن يكون من أعتق نصيبه واحدا ، أو أكثر .

                                                                                                                                                                                  النوع التاسع : قال شيخنا : إذا وقع العتق من واحد فأكثر معا ، وكانوا موسرين فيقوم عليهم على قدر الحصص ، أو على عدد الرءوس فيه خلاف عند الشافعية والمالكية ، والأصح عند أصحاب الشافعي أنه على عدد الرءوس كالشفعة ، وصحح ابن العربي أن هذا على قدر الحصص .

                                                                                                                                                                                  النوع العاشر : قال شيخنا أيضا : إن في قوله : " من أعتق شقصا له " دليل أن تقدم كتابة شريكه لعبده في حصته لا يمنع من سراية العتق في نصيب شريكه ; لأن المكاتب عبد ، وهو الصحيح المشهور ، كما قال الرافعي ، وعن صاحب ( التقريب ) رواية وجه ، أو قول : إنه لا يسري إذ لا سبيل إلى إبطال الكتابة .

                                                                                                                                                                                  النوع الحادي عشر : قال شيخنا أيضا : وفيه أيضا أن تعلق الرهن بحصة الشريك لا يمنع من السراية ، وهو الصحيح ، كما قال الرافعي .

                                                                                                                                                                                  النوع الثاني عشر : قال شيخنا أيضا فيه : إن تقدم تدبير الشريك بحصته على إعتاق الشريك الموسر بحصته لا يمنع السراية أيضا ، وفيه قولان للشافعي ، والأقوى كما قال الرافعي أنه لا يمنع ، والقول الثاني أنه يمنع .

                                                                                                                                                                                  النوع الثالث عشر فيه أيضا أن تقدم استيلاء الشريك وهو معسر لا يمنع سراية إعتاق شريكه .

                                                                                                                                                                                  النوع الرابع عشر : استدل به ابن عبد البر لقول مالك وأصحابه : إن من أفسد شيئا من العروض التي لا تكال ولا توزن ، فإنما عليه قيمة ما استهلك من ذلك لا مثله ; لأنه صلى الله عليه وسلم لم يوجب على من أعتق نصيبه نصف عبد مثله لشريكه . قال مالك : القسيمة أعدل في ذلك ، وهذا قول أبي حنيفة أيضا . [ ص: 54 ] النوع الخامس عشر : قال شيخنا : الحديث محمول على ما إذا أعتق نصيبه في حالة الصحة ، فإذا أعتق حصته في المرض ومات فإنه لا ينفذ ، ولا يسري على الموسر إلا ما احتمله ثلث ماله ، وكذلك لو أوصى بعتق نصيبه ، أو ببعض حصته ، فإنه لا يسري عليه شيء زائد على ذلك ، لا في حصته ، ولا في حصة شريكه ; لأنه قد انقطع ملكه بالموت .

                                                                                                                                                                                  النوع السادس عشر : شرط السراية التي هي من خواص العتق أن يحصل العتق في حصته باختياره حتى لو ورث شقصا من قريبه الذي يعتق عليه لم يسر ، ولم يقوم عليه نصيب شريكه بخلاف ما إذا اشتراه ، أو اتهبه ، قاله الرافعي .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية