الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويجوز نسخه بأجرة ، نقله الجماعة . واحتج بقول ابن عباس ، ففيه لمحدث بلا حمل ولا مس روايتان ( م 16 ) وكذا كافر ، وفي النهاية : يمنع .

                                                                                                          وقال أبو بكر : لا يختلف قول أبي عبد الله [ ص: 18 ] أن المصاحف يكتبها النصارى ، على ما روي عن ابن عباس ، ويأخذ الأجرة من كتبها من المسلمين والنصارى . وروى الخلال في كتاب المصحف ، عن البغوي ، عن أحمد أنه قال : نصارى الحيرة كانوا يكتبونها ، لقلة من كان يكتبها ، قيل له : يعجبك هذا ؟ قال : لا ، ما يعجبني ، قال في الخلاف : يمكن حمله على أنهم يحملونه في حال كتابتهم .

                                                                                                          وقال في الجامع : ظاهره كراهته لذلك ، وكرهه للخلاف ، وقال : ويحمل قول أبي بكر يكتبه بين يديه لا يحمله ، وهو قياس المذهب ( م 17 ) أنه يجوز ، لأن مس القلم للحرف كمس العود للحرف ، [ ص: 19 ] ويجوز للمحدث تقليب الورق بعود ، نقله الجماعة . ويتوجه من المنع تخريج : لا يجوز نسخه بأجرة ، لاختصاص كون فاعله من أهل القرية ، وكرهه ابن سيرين كتعليم القرآن ، قال أحمد : نفس ما في المصحف يكتب كما في المصحف ، يعني لا يخالف حروفه .

                                                                                                          وقال القاضي : لا يجوز ، وقال بعد كلام أحمد : إنما اختار ذلك لأنهم أجمعوا على كتبه بهذه الحروف فلم تحسن مخالفته

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( مسألة 16 ) قوله : ويجوز نسخه بأجرة ، ونقله الجماعة وفي جواز ذلك لمحدث بلا مس ولا حمل روايتان . انتهى . إحداهما يجوز ، وهو الصحيح ، قطع به الشيخ الموفق وغيره ، واختاره القاضي في التعليق وغيره ، وهو مقتضى كلام الخرقي ، وهو ظاهر ما اختاره الزركشي . والرواية الثانية لا يجوز ، وللمجد احتمال بالجواز للمحدث دون الجنب ، وأطلقهن في الرعاية ، وحكاهن أوجها ، وقيل : هو كالتقليب ، وقيل : لا يجوز وإن جاز التقليب بالعود . [ ص: 18 ] مسألة 17 ) قوله : وهما في كافر وفي النهاية يمنع منه قال أبو بكر : لا يختلف قول أبي عبد الله أن المصاحف يجوز أن تكتبها النصارى قال القاضي : يحمل قول أبي بكر على ما إذا كتبه وهو بين يديه من غير مس ولا حمل ، وهو قياس المذهب . انتهى ، وأطلق الروايتين صاحب التلخيص وابن تميم وابن حمدان إحداهما يجوز ، وهو الصحيح ، اختاره القاضي في التعليق وغيره . قال ابن عقيل في التذكرة : ويجوز استئجار الكافر على كتابة المصحف إذا لم يحمله ، وجزم به في الآداب الكبرى وغيره وقال : نص عليه ، وتقدم كلام أبي بكر والقاضي أيضا والرواية الثانية المنع ، قيل للإمام أحمد : يعجبك أن تكتب النصارى المصاحف ؟ قال : لا يعجبني . قال الزركشي : فأخذ من ذلك رواية بالمنع ، انتهى ( قلت ) : رواية [ ص: 19 ] المنع في حق الكافر أقوى من رواية المنع في حق المسلم ، والله أعلم . ( تنبيه ) يحتمل أن قول " وهما في الكافر " لا يقتضي إطلاق الخلاف بل يكون ذلك مجرد إخبار ، ويحتمل أن الخلاف مطلق عنده ، وتقديره : والروايتان المطلقتان في جواز نسخ المحدث مطلقتان في جواز ذلك من الكافر ، فلذلك صححنا الخلاف وبينا المذهب ، والله أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية