الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وابن سينا وأمثاله مقرون بأن الكتب الإلهية إنما جاءت بما يوافق مذهب المثبتة للصفات والعلو، بما لا يناقض ذلك، وهم يسمون ذلك تشبيها، ويقولون: الكتب الإلهية إنما جاءت بالتشبيه، ويجعلون هذا مما احتجوا به، كما قد حكينا كلامه في ذلك، وأنه احتج بذلك على هؤلاء الذين وافقوه على نفي الصفات والعلو.

وقال: إذا كان هذا التوحيد الحق، والأنبياء لم تخبر به بل بنقيضه، فكذلك في أمر المعاد، فكيف يزعم مع هذا أن السنن الشرعية والديانات الحقيقة منعت هذه أن تكون مشهورة؟

فعلم أن المانع لشهرتها هو قول لم يوجد عن الأنبياء وأتباع الأنبياء، وأن شهرتها إنما امتنعت بين هؤلاء الذين ابتدعوا قولا ليس مشروعا، [ ص: 105 ] وحينئذ فيكون المانع من شهرتها عند من لم تشتهر عنده سنة بدعية لا شرعية، وديانة وضعها بعض الناس، ليست منقولة عن نبي من الأنبياء.

ولا ريب أن المشركين والمبدلين من أهل الكتاب لهم شرائع وديانات ابتدعوها ووضعوها، وتلك لا يجب قبولها عند العقلاء، وإنما يجب أن يتبع ما يثبت نقله عن الأنبياء المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم.

وكذلك قوله إنه: "يثلم في شهرتها العلوم الحكمية".

فيقال له: قد نقل غيرك من الفلاسفة القدماء أنهم كانوا يقولون بموجب هذه القضايا، كما بين ذلك ابن رشد الحفيد وغيره، بل المنقول عن متقدمي الفلاسفة وأساطينهم بل أرسطو، وعن كثير من متأخريهم، القول بما هو أبلغ من هذه القضايا، من قيام الحوادث بالواجب، وما يتبع ذلك، كما تقدم نقل بعض ذلك عنهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية