الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهذا على وجوه: قول الله لموسى: إنني معكما [سورة طه: 46]، يقول في الدفع عنكما.

وقال: ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا [سورة التوبة: 40]، يقول: في الدفع عنا.

وقال: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين [سورة البقرة: 249]، يقول: في النصر لهم على عدوهم.

وقال: فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم الأعلون والله معكم [سورة محمد: 35]، في النصر لكم على عدوكم.

[ ص: 147 ] وقال: يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم [سورة النساء: 108]، يقول: بعلمه فيهم.

وقال: فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين [سورة الشعراء: 61، 62]، يقول: في العون على فرعون".

قال: "فلما ظهرت الحجة على الجهمي لما ادعى على الله أنه مع خلقه في كل شيء غير مماس للشيء ولا مباين منه فقلنا: إذا كان غير مباين أليس هو مماسا؟ قال: لا. قلنا: فكيف يكون في كل شيء غير مماس له ولا مباين له؟ فلم يحسن الجواب، فقال: بلا كيف، فخدع الجهال بهذه الكلمة وموه عليهم، فقلنا له: إذا كان يوم القيامة أليس إنما هو الجنة [ ص: 148 ] والنار، والعرش والهواء؟ قال: بلى. قلنا: فأين يكون ربنا؟ قال: يكون في الآخرة في كل شيء كما كان، حيث كانت الدنيا في كل شيء. قلنا فإن مذهبكم أن ما كان من الله على العرش فهو على العرش، وما كان من الله في الجنة فهو في الجنة، وما كان من الله في النار فهو في النار، وما كان من الله في الهواء فهو في الهواء، فعند ذلك تبين للناس كذبهم على الله تعالى".

التالي السابق


الخدمات العلمية