الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (6) قوله: من حيث سكنتم : فيه وجهان، أحدهما: أن "من" للتبعيض. قال الزمخشري : مبعضها محذوف معناه: أسكنوهن مكانا من حيث سكنتم، أي: بعض مكان سكناكم، كقوله تعالى: يغضوا من أبصارهم ، أي: بعض أبصارهم. قال قتادة: "إن لم يكن إلا بيت واحد أسكنها في بعض جوانبه". والثاني: أنها لابتداء الغاية قاله الحوفي وأبو البقاء . قال أبو البقاء : "والمعنى: تسببوا إلى إسكانهن من الوجه الذي تسكنون أنفسكم. ودل عليه قوله من وجدكم، والوجد: الغنى".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: من وجدكم فيه وجهان، أحدهما: أنه بدل من قوله "من حيث" بتكرير العامل، وإليه ذهب أبو البقاء كأنه قيل: أسكنوهن من سعتكم. والثاني: أنه عطف بيان لقوله من حيث سكنتم ، وإليه ذهب الزمخشري ، فإنه قال بعد أن أعرب "من حيث" تبعيضية كما تقدم، فإن قلت: وقوله "من وجدكم" ؟ قلت: هو عطف بيان لقوله: من حيث سكنتم ومفسر له كأنه قيل: أسكنوهن مكانا من مساكنكم مما تطيقونه. [ ص: 357 ] والوجد الوسع والطاقة. وناقشه الشيخ : بأنه لم يعهد في عطف البيان إعادة العامل، إنما عهد هذا في البدل، ولذلك أعربه أبو البقاء بدلا. والعامة "وجدكم" بضم الواو، والحسن والأعرج وأبو حيوة بفتحها، والفياض بن غزوان وعمرو بن ميمون ويعقوب بكسرها، وهي لغات بمعنى. والوجد بفتح الواو: الحزن أيضا، والحب، والغضب.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: وأتمروا افتعلوا من الأمر يقال: ايتمر القوم وتآمروا، أي: أمر بعضهم بعضا. وقال الكسائي: ائتمروا: تشاوروا وتلا قوله تعالى: إن الملأ يأتمرون بك وأنشد قول امرئ القيس:


                                                                                                                                                                                                                                      4274 -. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ويعدو على المرء ما يأتمر



                                                                                                                                                                                                                                      قوله: فسترضع قيل: هو خبر في معنى الأمر. والضمير في "له" للأب كقوله: فإن أرضعن لكم ، والمفعول محذوف للعلم به، أي: فسترضع الولد لوالده امرأة أخرى. والظاهر أنه خبر على بابه.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية