الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (30) قوله: عليها تسعة عشر : هذه الجملة فيها وجهان - أعني: الحالية والاستئناف - وفي هذه الكلمة قراءات شاذة، وتوجيهات تشاكلها. وقرأ أبو جعفر وطلحة "تسعة عشر" بسكون العين من "عشر" تخفيفا لتوالي خمس حركات من جنس واحد وهذه كقراءة أحد عشر كوكبا ، وقد تقدمت.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أنس وابن عباس "تسعة" بضم التاء، "عشر" بالفتح، وهذه حركة بناء، ولا يجوز أن يتوهم كونها إعرابا; إذا لو كانت للإعراب لجعلت في الاسم الأخير لتنزل الكلمتين منزلة الكلمة الواحدة، وإنما عدل إلى الضمة كراهة توالي خمس حركات. وعن المهدوي: "من قرأ "تسعة عشر" فكأنه من التداخل كأنه أراد العطف فترك التركيب ورفع هاء [ ص: 548 ] التأنيث، ثم راجع البناء وأسكن". انتهى. فجعل الحركة للإعراب. ويعني بقوله "أسكن"، أي: أسكن راء "عشر" فإنه هذه القراءة كذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن أنس أيضا "تسعة أعشر" بضم "تسعة" وأعشر بهمزة مفتوحة ثم عين ساكنة ثم شين مضمومة. وفيها وجهان، قال أبو الفضل: "يجوز أن يكون جمع العشرة على أعشر ثم أجراه مجرى تسعة عشر". وقال الزمخشري : جمع عشير، مثل يمين وأيمن. وعن أنس أيضا "تسعة وعشر" بضم التاء وسكون العين وضم الشين وواو مفتوحة بدل الهمزة. وتخريجها كتخريج ما قبلها، إلا أنه قلب الهمزة واوا مبالغة في التخفيف، والضمة كما تقدم للبناء لا للإعراب. ونقل المهدوي أنه قرئ "تسعة وعشر" قال: فجاء به على الأصل قبل التركيب وعطف "عشرا على تسعة" وحذف التنوين لكثرة الاستعمال، وسكن الراء من عشر على نية الوقف.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ سليمان بن قتة بضم التاء، وهمزة مفتوحة، وسكون العين، وضم الشين وجر الراء من أعشر، والضمة على هذا ضمة إعراب، لأنه أضاف الاسم لما بعده، فأعربهما إعراب المتضايفين، وهي لغة لبعض العرب يفكون تركيب الأعداد ويعربونهما كالمتضايفين كقول الراجز:


                                                                                                                                                                                                                                      4393- كلف من عنائه وشقوته بنت ثماني عشرة من حجته

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 549 ] قال أبو الفضل: ويخبر على هذه القراءة - وهي قراءة من قرأ "أعشر" مبنيا أو معربا من حيث هو جمع - أن الملائكة الذين هم على سقر تسعون ملكا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية