الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (50) قوله: كأنهم هذه الجملة يجوز أن تكون حالا [ ص: 557 ] من الضمير في الجار، وتكون بدلا من "معرضين" قاله أبو البقاء ، يعني أنها كالمشتملة عليها، وأن تكون حالا من الضمير في "معرضين"، فتكون حالا متداخلة.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ العامة "حمر" بضم الميم، والأعمش بإسكانها. وقرأ نافع وابن عامر بفتح الفاء من "مستنفرة" على أنه اسم مفعول، أي: نفرها القناص. والباقون بالكسر بمعنى: نافرة: يقال: استنفر ونفر بمعنى نحو: عجب واستعجب، وسخر واستسخر. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4398- أمسك حمارك إنه مستنفر في إثر أحمرة عمدن لغرب



                                                                                                                                                                                                                                      وقال الزمخشري : "كأنها تطلب النفار من نفوسها في جمعها له وحملها عليه". انتهى. فأبقى السين على بابها من الطلب، وهو معنى حسن.

                                                                                                                                                                                                                                      ورجح بعضهم الكسر لقوله "فرت" للتناسب. وحكى محمد بن سلام قال: سألت أبا سوار الغنوي وكان عربيا فصيحا، فقلت: [ ص: 558 ] كأنهم حمر ماذا؟ فقال: مستنفرة طردها قسورة. فقلت: إنما هو فرت من قسورة فقال: أفرت؟ قلت: نعم. قال: "فمستنفرة إذن". انتهى. يعني أنها مع قوله "طردها" تناسب الفتح لأنها اسم مفعول فلما أخبر بأن التلاوة فرت من قسورة رجع إلى الكسر للتناسب، إلا أن بمثل هذه الحكاية لا ترد القراءة المتواترة.

                                                                                                                                                                                                                                      والقسورة: قيل: الصائد. وقيل: ظلمة الليل. وقيل: الأسد، ومنه قول الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4399- مضمر تحذره الأبطال     كأنه القسورة الرئبال



                                                                                                                                                                                                                                      أي: الأسد، إلا أن ابن عباس أنكره، وقال: لا أعرف القسورة: الأسد في لغة العرب، وإنما القسورة: عصب الرجال، وأنشد:


                                                                                                                                                                                                                                      4400- يا بنت، كوني خيرة لخيره     أخوالها الجن وأهل القسوره



                                                                                                                                                                                                                                      وقيل: هم الرماة، وأنشدوا للبيد بن ربيعة:


                                                                                                                                                                                                                                      4401- إذا ما هتفنا هتفة في ندينا     أتانا الرجال العاندون القساور

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 559 ] والجملة من قوله "فرت" يجوز أن تكون صفة لـ "حمر" مثل "مستنفرة"، وأن تكون حالا، قاله أبو البقاء .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية