الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (8 - 9) قوله: فإذا نقر : قال الزمخشري : "والفاء في قوله: "فإذا نقر" للتسبيب، كأنه قيل: اصبر على أذاهم، فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه [عاقبة] أذاهم، وتلقى فيه عاقبة صبرك عليه. والفاء في "فذلك" للجزاء". قلت: يعني أن الفاء في "فذلك" جزاء للشرط في قوله: "فإذا نقر". وفي العامل في "إذا" أوجه، أحدها: أنها متعلقة بـ "أنذر" أي: أنذرهم إذا نقر في الناقور، قاله الحوفي. وفيه نظر: من حيث إن الفاء تمنع من ذلك، ولو أراد تفسير المعنى لكان سهلا، لكنه في معرض تفسير الإعراب لا تفسير المعنى. [ ص: 539 ] الثاني: أن ينتصب بما دل عليه قوله: فذلك يومئذ يوم عسير . قال الزمخشري : "فإن قلت: بم انتصب "إذا"، وكيف صح أن يقع "يومئذ" ظرفا لـ "يوم عسير"؟ قلت: انتصب "إذا" بما دل عليه الجزاء; لأن المعنى: فإذا نقر في الناقور عسر الأمر على الكافرين. والذي أجاز وقوع يومئذ ظرفا لـ "يوم عسير" أن المعنى: فذلك يوم النقر وقوع يوم عسير; لأن يوم القيامة يقع ويأتي حين ينقر في الناقور". انتهى. ولا يجوز أن يعمل فيه نفس "عسير"; لأن الصفة لا تعمل فيما قبل موصوفها عند البصريين; ولذلك رد على الزمخشري قوله: "إن في أنفسهم" متعلق بـ "بليغا" في قوله تعالى: في سورة النساء وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا والكوفيون يجوزون ذلك وتقدم تحريره.

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن ينتصب بما دل عليه "فذلك" لأنه إشارة إلى النقر، قاله أبو البقاء . ثم قال: "ويومئذ" بدل من "إذا" و"ذلك" مبتدأ والخبر "يوم عسير" أي: نقر يوم. الرابع: أن يكون "إذا" مبتدأ، و"فذلك" خبره. والفاء مزيدة فيه، وهو رأي الأخفش.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما "يومئذ" ففيه أوجه، أحدها: أن يكون بدلا من "إذا" وقد تقدم ذلك في الوجه الثالث. والثاني: أن يكون ظرفا لـ "يوم عسير" كما تقدم [ ص: 540 ] في الوجه الثاني. الثالث: أن يكون ظرفا لـ "ذلك" لأنه مشار به إلى النقر. الرابع: أنه بدل من "فذلك"، ولكنه مبني لإضافته إلى غير متمكن. الخامس: أن يكون مبتدأ "ويوم عسير" خبره، والجملة خبر "فذلك" .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية