الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 655 ] آ. (23) قوله: لابثين : منصوب على الحال من الضمير المستتر في "للطاغين" وهي حال مقدرة. وقرأ حمزة "لبثين" دون ألف، والباقون "لابثين" بها. وضعف مكي قراءة حمزة، قال: "ومن قرأ "لبثين"، شبهه بما هو خلقة في الإنسان نحو: حذر وفرق، وهو بعيد; لأن اللبث ليس مما يكون خلقة في الإنسان، وباب فعل إنما هو لما يكون خلقة في الإنسان، وليس اللبث بخلقة". ورجح الزمخشري قراءة حمزة فقال: "قرئ: لابثين ولبثين. واللبث أقوى"; لأن اللابث يقال لمن وجد منه اللبث، ولا يقال: لبث إلا لمن شأنه اللبث كالذي يجثم بالمكان، لا يكاد ينفك منه". قلت: وما قاله الزمخشري أصوب. وأما قول مكي: اللبث ليس خلقة فمسلم; لكنه بولغ في ذلك فجعل بمنزلة الأشياء الخلقية.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: أحقابا منصوب على الظرف، وناصبه "لابثين"، هذا هو المشهور. وقيل: هو منصوب بقوله "لا يذوقون" وهذا عند من يرى تقديم معمول ما بعد "لا" عليها، وهو أحد الأوجه، وقد تقدم هذا مستوفى في أواخر الفاتحة. وجوز الزمخشري أن ينتصب على الحال، قال: "وفيه وجه آخر: وهو أن يكون من حقب عامنا: إذا قل [ ص: 656 ] مطره وخيره، وحقب فلان: إذا أخطأه الرزق فهو حقب، وجمعه أحقاب، فينتصب حالا عنهم بمعنى: لابثين فيها حقبين جحدين". وقد تقدم الكلام على "الحقب"، وما قيل فيه في سورة الكهف.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية