الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (17) قوله: يوما : منصوب إما بـ "تتقون" على سبيل المفعول به تجوزا. وقال الزمخشري : "يوما" مفعول به، أي: فكيف تقون أنفسكم يوم القيامة وهوله إن بقيتم على الكفر؟ وناقشه الشيخ فقال: "وتتقون" مضارع اتقى، واتقى ليس بمعنى وقى حتى يفسره به، واتقى يتعدى إلى واحد، ووقى يتعدى إلى اثنين. قال تعالى: ووقاهم عذاب الجحيم . ولذلك قدره الزمخشري بـ "تقون أنفسكم"، لكنه ليس "تتقون" بمعنى يقون، فلا يعدى تعديته. انتهى. [ ص: 527 ] ويجوز أن ينتصب على الظرف، أي: فكيف لكم بالتقوى يوم القيامة، إن كفرتم في الدنيا؟ قاله الزمخشري . ويجوز أن ينتصب مفعولا به بـ "كفرتم" إذا جعل "كفرتم" بمعنى جحدتم، أي فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة؟ ولا يجوز أن ينتصب ظرفا، لأنهم لا يكفرون ذلك اليوم; بل يؤمنون لا محالة. ويجوز أن ينتصب على إسقاط الجار، أي: إن كفرتم بيوم القيامة. والعامة على تنوين "يوما" وجعل الجملة بعده نعتا له. والعائد محذوف، أي: يجعل الولدان فيه. قاله أبو البقاء ولم يتعرض للفاعل في "يجعل"، وهو على هذا ضمير الباري تعالى، أي: يوما يجعل الله فيه. وأحسن من هذا أن يجعل العائد مضمرا في "يجعل" هو فاعله، وتكون نسبة الجعل إلى اليوم من باب المبالغة، أي: نفس اليوم يجعل الولدان شيبا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ زيد بن علي "يوم يجعل" بإضافة الظرف للجملة. والفاعل على هذا هو ضمير الباري تعالى. والجعل هنا بمعنى التصيير فـ "شيبا" مفعول ثان، وهو جمع أشيب. وأصل الشين الضم فكسرت لتصح الياء نحو: أحمر وحمر. قال الشاعر:


                                                                                                                                                                                                                                      4374- منا الذي هو ما إن طر شاربه والعانسون ومنا المرد والشيب



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 528 ] وقال آخر:


                                                                                                                                                                                                                                      4375-. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     لعبن بنا شيبا وشيبننا مردا



                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية