الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 369 ] ( والشهادة على مراتب : منها الشهادة في الزنا يعتبر فيها أربعة من الرجال ) لقوله تعالى { واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } ولقوله تعالى { ثم لم يأتوا بأربعة شهداء } ( ولا تقبل فيها شهادة النساء ) لحديث الزهري رضي الله عنه : مضت السنة من لدن رسول الله عليه الصلاة والسلام والخليفتين من بعده أن لا شهادة للنساء في الحدود والقصاص ، ولأن فيها شبهة البدلية لقيامها مقام شهادة الرجال فلا تقبل فيما يندرئ بالشبهات

التالي السابق


( قوله والشهادة على مراتبها ) أربعة ( منها الشهادة في الزنا ) والشهادة في بقية الحدود والقصاص ، والشهادة فيما سواها من المعاملات ، والشهادة فيما لا يطلع عليه الرجال من النساء .

أما على الزنا فيعتبر فيها أربعة من الرجال لقوله تعالى { فاستشهدوا عليهن أربعة منكم } وروى ابن أبي شيبة : حدثنا حفص عن حجاج عن الزهري قال : مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين بعده أن لا تجوز شهادة النساء في الحدود والدماء انتهى . وتخصيص الخليفتين . يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما لأنهما [ ص: 370 ] اللذان كان معظم تقرير الشرع وطرق الأحكام في زمانهما وبعدهما ما كان من غيرهما إلا الاتباع ، ولأن النص أوجب أربعة رجال بقوله تعالى { أربعة منكم } فقبول امرأتين مع ثلاثة مخالف لما نص عليه من العدد والمعدود .

وغاية الأمر المعارضة بين عموم { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان } وبين هذه فتقدم هذه لأنها مانعة وتلك مبيحة . وأيضا هذه تفيد زيادة قيد وزيادة القيد من طرق الدرء فإنه كلما كثرت قيود الشيء قل وجوده بالنسبة إلى ما ليس فيه زيادة تقييد ، ولأن فيها شبهة البدلية ، ولذا لا تقبل فيها الشهادة على الشهادة ، وذلك لأن قوله تعالى { فإن لم يكونا رجلين } الآية ظاهرة أنه لا تقبل شهادتهن إلا عند عدم رجال يشهدون .

وقد روي عن بعض العلماء ذلك فاعتبر حقيقة البدلية لكن لما لم يكن ذلك معمولا به عند أهل الإجماع نزلت إلى شبهة البدلية والشبهة كالحقيقة فيما يندرئ بالشبهات . وسائر ما سوى حد الزنا من الحدود يقبل فيها شهادة رجلين ولا تقبل النساء لما ذكرنا




الخدمات العلمية