الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومن قال أشهدني : فلان على نفسه لم يشهد السامع على شهادته حتى يقول له اشهد على شهادتي ) لأنه لا بد من التحميل ، وهذا ظاهر عند محمد رحمه الله لأن القضاء عنده بشهادة الفروع والأصول جميعا حتى اشتركوا في الضمان عند الرجوع ، وكذا عندهما [ ص: 467 ] لأنه لا بد من نقل شهادة الأصول ليصير حجة فيظهر تحميل ما هو حجة . .

التالي السابق


( قوله ومن قال أشهدني إلخ ) أي إذا قال شاهد عند آخر أشهدني فلان على نفسه بكذا لا يسع السامع أن يشهد على شهادته [ ص: 467 ] حتى يقول له اشهد على شهادتي بذلك . ووجهه المصنف بأنه لا بد من التحميل .

أما عند محمد فلأنه يقول باشتراك الأصول والفروع في الضمان إذا رجعوا ، ومعنى هذا أن محمدا يخير المشهود عليه بين تضمين الفروع والأصول ، وليس المراد ما يعطيه ظاهر اللفظ من أنه يضمن الكل معا ، فإن اختار تضمين الفروع لا يرجعون على الأصول ، بخلاف الغاصب مع غاصب الغاصب يتخير المغصوب منه في تضمين أيهما شاء ، فإن ضمن الغاصب رجع على غاصبه ، وأما عندهما قال فلأنه لا بد من التحميل ( لأنه لا بد من النقل ) يعني إلى مجلس القاضي ( ليصير حجة فيظهر ) بالنقل ( تحميل ما هو حجة ) يعني شهادة الأصول ، وهذا الكلام يقتضي أن وجوب التحميل لوجوب النقل ، والنقل لا يتحقق إلا بالتحميل ، حتى لو سمع شاهدا يقول لرجل اشهد على شهادتي إلى آخره ليس له أن يشهد على شهادته لأنه إنما حمل غيره بحضرته ، فإذا نقل ظهر للقاضي أنه وجد الشرط وهو التحميل فتثبت عنده الحجة ، بخلاف ما لو سمع قاضيا يقول لآخر قضيت عليك بكذا أو على فلان فإنه يجب أن يشهد على قضائه بلا تحميل لأن قضاءه حجة كالبيع والإقرار ، بخلاف الشهادة ليست نفسها حجة حتى تصل إلى القاضي .

ولقائل أن يقول : كون النقل إلى القاضي والحجية تتوقف على التحميل شرعا مما يحتاج إلى دليل إن لم يكن فيه إجماع الأمة ، وهو منتف على الأصح [ ص: 468 ] عند الشافعية وإلا فالاتفاق على أن من سمع إقرار رجل له أن يشهد عليه بما سمع منه وإن لم يشهده ، بل ولو منعه من الشهادة بما سمع منه فإخراج الإقرار بشهادة الشاهد بشهادته على فلان يحتاج إلى دليل من الشرع .

وذكر في الفتاوى الظهيرية في وجهه أمرا آخر وهو أن الأصل له منفعة في نقل شهادته ، فإن شهادته حق عليه يلزمه أداؤه إذا طلب منه من هي له ; ومقتضى هذا أن لا يحتاج إلى التوكيل والتحميل لأن من عليه دين إذا تبرع إنسان بقضاء دينه جاز وإن لم يكن بأمره لكن فيها مضرة إهدار ولايته في تنفيذ قوله على المشهود عليه فيتوقف على أمره ورضاه فيشترط كمن له ولاية إنكاح صغيرة لو نكحها إنسان لا بأمره لا يجوز ذلك




الخدمات العلمية