الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ثم رجعا لم يضمنا ) لأنه ليس بإتلاف معنى [ ص: 489 ] نظرا إلى العوض ( وإن كان بأقل من القيمة ضمنا النقصان ) لأنهما أتلفا هذا الجزء بلا عوض . ولا فرق بين أن يكون البيع باتا أو فيه خيار البائع ، لأن السبب هو البيع السابق فيضاف الحكم عند سقوط الخيار إليه فيضاف التلف إليهم

التالي السابق


( قوله وإن شهدا ببيع شيء بمثل القيمة أو أكثر ) بأن ادعى ذلك مدع فشهدا له به .

( ثم رجعا لم يضمنا لأنه ليس بإتلاف معنى [ ص: 489 ] نظرا إلى العوض ، وإن ) شهدا به ( بأقل من القيمة ) ثم رجعا ( ضمنا نقصان القيمة لأنهما أتلفا هذا القدر ) عليه ( بلا عوض ) هذا إذا شهدا بالبيع ولم يشهدا بنقد الثمن ، فلو شهدا به وبنقد الثمن ثم رجعا ، فإما أن ينظماها في شهادة واحدة بأن شهدا أنه باعه هذا بألف وأوفاه الثمن أو في شهادتين بأن شهدا بالبيع فقط ثم شهدا بأن المشتري أوفاه الثمن ، ففي الأول يقضى عليهما بقيمة البيع لا بالثمن ، وفي الثاني يقضى عليهما بالثمن للبائع .

وجه الفرق أن في الأول المقضي به البيع دون الثمن لأنه لا يمكن القضاء بإيجاب الثمن لاقترانه بما يوجب سقوطه وهو القضاء بالإيفاء ، ولهذا قلنا : لو شهد اثنان على رجل أنه باع من هذا عبده وأقاله بشهادة واحدة لا يقضى بالبيع لأنه قارن القضاء به ما يوجب انفساخه وهو القضاء بالإقالة ، فكذا هذا ، وإذا كان المقضي به البيع فقط وزال المبيع بلا عوض فيضمنان القيمة ، بخلاف ما إذا كان بشهادتين فإن الثمن يصير مقضيا به لأن القضاء بالثمن لا يقارنه ما يسقطه لأنهما لم يشهدا بالإيفاء بل شهدا به بعد ذلك ، وإذا صار الثمن مقضيا به ضمناه برجوعهما .

ثم قال المصنف ( ولا فرق بين كون البيع باتا أو فيه خيار البائع لأن السبب ) يعني البيع ( هو السابق ) حتى استحق المشتري المبيع بزوائده وقد أزالاه بشهادتهما فيضاف الحكم إليه عند سقوط الخيار إليه ( فانضاف التلف إلى الشهود ) وهذا جواب عن [ ص: 490 ] سؤال ذكره في المبسوط .

حاصله : ينبغي أن لا ضمان عليهما لأنهما إنما أثبتا البيع بشرط الخيار للبائع ، وبه لا يزول ملكه عن المبيع وإنما يزول إذا لم يفسخ حتى مضت المدة ، وإذا لم يفسخ حتى مضت المدة كان مختارا في إزالة ملكه عنه إلى غيره فلا يجب الضمان . والجواب أن سبب التلف العقد السابق وثبوته بشهادتهم فيضاف إليهم .

غاية الأمر أنه سكت إلى أن مضت المدة وهو لا يستلزم رضاه لجواز كونه لتحرزه عن أن يضاف إليه الكذب لأنه قد أنكر العقد ، فإذا فسخ كان معترفا بصدوره منه فيظهر للناس تناقضه وكذبه ، والعاقل يحترز عن مثله ، وكذا لو شهدا بالعقد على أن فيه خيار المشتري ومضت المدة ولم يفسخ وفي قيمة المبيع نقصان عن الثمن الذي شهدا به ضمناه ، ولو أن المشهود عليه بالشراء أجازه في المدة سقط الضمان عنهما لأنه أتلف ماله باختياره ، كما لو أجازه البائع في شهادتهما بالخيار له بثمن ناقص عن القيمة حيث يسقط أيضا




الخدمات العلمية