الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والسنة في المطر بالحصاد وفي السقي بالشهور ، فإن تمت وله زرع أخضر فبكراء مثل الزائد .

التالي السابق


( و ) من اكترى أرضا ليزرعها سنة انقضت ( السنة في ) الأرض التي سقيها ب ( المطر ) أو النيل ( بالحصاد ) لزرعها سواء صادف تمامها بالشهور أو نقص عنه أو زاد عليه فليس لمكري الأرض قلعه ولا أجرة ما زاد على تمامها بالشهور . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى من اكترى أرضا فحصد زرعه قبل تمام السنة ، فأما أرض المطر فمحل السنة فيها الحصاد ويقضى بذلك فيها ، والمراد بالحصاد الإزالة ، سواء كانت بحصد أو قلع أو جز أو رعي ، فإن كان يخلف فبحصد آخر بطن وتنقضي السنة ( في ) أرض ( السقي ) بعين أو غرب أو ساقية بتمامها ( بالشهور ) الاثني عشر ( فإن تمت ) السنة بالشهور ( و ) الحال ( له ) أي المكتري فيها ( زرع أخضر ف ) ليس للمكري قلعه ولا أخذه ويلزمه بقاؤه إلى حصده ، وله ( كراء مثل ) الوقت ( الزائد ) على سنة لشهور .

ابن القاسم وأما ذات السقي التي تكرى على أمد الشهور والسنين للمكتري العمل إلى [ ص: 37 ] تمام سنة ، فإن تمت وله فيها زرع أخضر فليس لرب الأرض قلعه وعليه تركه إلى تمامه .

وله فيما بقي كراء مثلها على حساب ما أكراها منه طرح سحنون على حساب ما اكترى وأبقى كراء المثل ، ونقلها أبو محمد في مختصره وله فيما بقي كراء مثله لا على ما أكراه .

ابن يونس كلام ابن القاسم جيد ، ووجهه انظره في ترجمة من اكترى أرضا ليزرعها . ابن القاسم إذا انقضت السنون وللمكتري في الأرض زرع لم يبد صلاحه فلا يجوز لرب الأرض شراؤه ، وإنما بيع الزرع أخضر إن اشتري مع الأرض في صفقة ، وكذلك الأصول بثمرها ، فإن لم يشترطه المبتاع فما أبر من الثمر وما ظهر من الأرض للبائع ، وإذا لم يؤبر الثمر ولم يظهر الزرع من الأرض فهو للمبتاع .

ابن يونس بعض القرويين الأشبه أن يجوز لرب الأرض شراء ما فيها من زرع ; لأن الأرض ملكه فيصير مقبوضا بالعقد ، وما يحدث فيه من نماء ، فإنما هو في ضمان مشتريه لكونه في أرضه ، وإنما منع عليه الصلاة والسلام بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ، لكون ضمانها من بائعها ; لأنها في أمواله لقوله صلى الله عليه وسلم { أرأيت إن منع الله تعالى الثمرة بم يأخذ أحدكم مال أخيه } ، وعلى هذا التعليل أجاز عبد الملك شراء جنان فيه ثمرة بقمح أو بجنان آخر فيه ثمرة تخالفها ; لأن كل ثمرة مقبوضة فكانا متناجزين وفي الشامل وفي السقي بتمامها فإن تمت والزرع باق ، وكان ربه يظن تمامه فزاد الشهر ، ونحوه لزم رب الأرض تركه لتمامه بكراء المثل فيما زاد ، وقيل بنسبة المسمى ، ولو بعد الأمد ، وعلم ربه بذلك فلربها قلعه أو تركه بالأكثر من المسمى وكراء المثل ، وليس له شراؤها على الأصح .




الخدمات العلمية