الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
واختص الراجعان بدخول عن الطلاق

التالي السابق


( و ) إن شهد اثنان بدخول واثنان بطلاق على من ثبت نكاحه وحكم عليه بجميع الصداق ثم رجع الأربعة عما شهدوا به ( اختص ) الشاهدان ( الراجعان ) عن شهادتهما ( بدخول ) عن الراجعين ( عن ) شهادتهما ب ( الطلاق ) بغرم نصف المهر عند الأكثر ; لأن الصداق إنما تم بشهادة شاهدي الدخول . ابن عرفة المازري لو شهد شاهدان بطلاق من ثبت نكاحها بغير شهادتهما وآخران بأن الزوج دخل بها وأرخى الستر عليها ولم يعلم شاهدا الطلاق هل كان قبل البناء أو بعده ولم يعلم شاهدا الدخول بطلاقه ثم رجع الأربعة فلا غرم على شاهدي الطلاق على قول أشهب وعبد الملك وابن المواز .

ابن سحنون هذا مذهب أصحابنا وأكثر الرواة خالف فيه وأسقط غرمهما لأنهما إنما أتلفا منافع بضع ، وذلك لا يتقوم ، وما غرمه الزوج من نصف الصداق وجب عليه بعقد النكاح ، فلو رجع شاهدا الدخول غرما نصف الصداق ; لأن شاهدي الطلاق لو اقتصر على شهادتهما لم يلزم الزوج أكثر من نصف الصداق وغرامة النصف الزائد عليه إنما هي بشهادة من شهد بالبناء ، فإذا رجعا عن شهادتهما غرما هذا النصف بالسواء بينهما وإن رجع أحدهما [ ص: 514 ] غرم ربع الصداق وقرر أحمد أن شاهدي الدخول يغرمان للزوج جميع المهر وهو ظاهر كلام الشارح وتبعه الخرشي بناء على أنها لا تملك بالعقد شيئا . طفى ما ذكره المصنف من أن شاهدي الطلاق لا يغرمان شيئا من الصداق لا يأتي على قول ابن القاسم الذي درج عليه أولا من أن شاهدي الطلاق قبل البناء عليهما نصف الصداق برجوعهما على أنها لا تملك بالعقد شيئا منه ، وإنما يأتي على قول أشهب وعبد الملك وابن المواز بناء على أنها ملكت بالعقد الجميع أو النصف ، ثم قال وبما ذكر تعلم التنافي في كلام المصنف ، والعذر له أنه درج على قول ابن القاسم أولا في قوله وإلا فنصفه ; لأنه قوله في المدونة ، ودرج على قول أشهب ومن معه لما رأى أكثر الرواة عليه فلم تمكنه مخالفته على أن كلام ابن القاسم في المدونة فيه مجال للشيوخ ، ثم قال ولا يخفى أن التفريع على قول ابن القاسم يقتضي أن على شاهدي الطلاق نصف الصداق وعلى شاهدي الدخول نصفه ، وقول أحمد اختص الراجعان بدخول بغرم الصداق لا يأتي على قول ابن القاسم ولا على قول أشهب . البناني لولا تفريع المازري ما هنا على قول أشهب ومن معه لقلنا لا تنافي بين كلامي المصنف ; لأن ما هنا بمنزلة رجوع عن طلاق مدخول بها لوجود شاهدي الدخول ا هـ . أقول هذا هو التحقيق وتقدم أن الرجوع بعد الحكم لا يعتبر في حق غير الراجع ، وبالله تعالى التوفيق .




الخدمات العلمية