الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 412 ] ولا عدو ولو على ابنه ، أو مسلم وكافر ، وليخبر بها كقوله بعدها : " تتهمني وتشبهني بالمجانين " مخاصما لا شاكيا

التالي السابق


( ولا ) تقبل شهادة ( عدو ) عداوة دنيوية في مال أو ميراث أو تجارة أو جاه أو منصب إن شهد على عدوه ، بل ( ولو ) شهد ( على ابنه ) أي العدو ، وهذا قول ابن القاسم في سماع عيسى ، زاد ولو كان مثل ابن شريح وسليمان بن القاسم . ابن عرفة عبد الرحمن بن شريح أبو شريح المعافري وسليمان بن القاسم من أشياخ عبد الرحمن بن القاسم وصوبه ابن يونس وأشار بولو لقول محمد بجوازها على ابن عدوه ، وسواء كانت العداوة الدنيوية بين مسلمين أو بين ( مسلم وكافر ) فلا تقبل شهادة مسلم على عدوه الكافر قاله المازري . عياض وهو الصحيح ، إذ لو تمحض لله تعالى لم يزد على القدر المأذون فيه . " غ " هذا في حيز الإغياء ، كأنه قال ولو طرأت العداوة الدنيوية بين مسلم وكافر . وأما العداوة الدينية كالتي بين المسلم والكافر من جهة كفره والتي بين العدل والفاسق لفسقه وجرأته على الله تعالى فلا تمنع فتقبل شهادة الأول على الثاني فيهما لا العكس لمانع الكفر والفسق .

( وليخبر ) العدل الذي شهد على عدوه الحاكم ( بها ) أي العداوة وجوبا بأن يقول له بيني وبين الذي شهدت عليه عداوة قاله الإمام مالك " رضي الله عنه " ليسلم من التدليس ولاحتمال عدم قدحها إذا فسرت . ابن فرحون ومثلها قرابته للمشهود له ، ومثل للعداوة فقال ( كقوله ) أي الشاهد للمشهود عليه ( بعد ) أدائ ( ها ) أي الشهادة للحاكم ( تشتمني وتشبهني بالمجنون ) حال كونه ( مخاصما ) للمشهود عليه بالقول المذكور فترد شهادته لتحقق عداوته له ( لا ) ترد شهادته بقوله المذكور حال كونه ( شاكيا ) أي معاتبا ومستجيرا لعدم تحقق عداوته له . " غ " كذا هو في نوازل أصبغ من الشهادات [ ص: 413 ] تشتمني من الشتم لا تتهمني من التهمة . وقال فيه أنه لا يقدح ، وحكى ابن رشد عنه أنه فصل في الثمانية بين المخاصم والشاكي ، وحكى عن ابن الماجشون أنه قادح واستظهره ، وكلامه في التوضيح يدل على أنه لم يقف على نقل ابن رشد هذا . البناني هذا التفصيل الذي ذكره المصنف وهو قول أصبغ في الثمانية ، ولم يكمله المصنف ، ونصه على نقل ابن رشد كما في " ق " إن قاله على وجه الشكوى والإشهاد من الأذى لا على وجه طلب خصومة ولا سمى الشتمة فلا أراه شيئا ، وإن سمى الشتمة وهي مما في مثلها الخصومة أو كان منه ذلك على وجه الطلب لخصومته ، وإن لم يسم الشتمة فشهادته باطلة ساقطة . ا هـ . وهكذا نقله ابن عرفة ، ونقله في التوضيح ناقصا كما هنا ولابن الماجشون تبطل شهادته بهذا القول من غير تفصيل ، قال ; لأنه أخبر أنه عدوه ولو قال ما هو أدنى من هذا سقطت شهادته . ابن رشد قول ابن الماجشون أصوب ، قال ونحو هذا اختار اللخمي . قال طرح الشهادة في هذه المسألة أحسن إلا أن يكون مبرزا ، فالأولى الاقتصار على ما اختاره اللخمي وصوبه ابن رشد .




الخدمات العلمية