الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 518 ] وإن كان بعتق غرما قيمته ، وولاؤه له ، وهل إن كان لأجل يغرمان القيمة والمنفعة إليه لهما ، أو تسقط منها المنفعة ، [ ص: 519 ] أو يخير فيهما ؟ أقوال .

التالي السابق


( وإن كان ) الرجوع عن الشهادة ( بعتق ) لرقيق على سيده المنكر له بعد حكم الحاكم به ( غرما ) أي الشاهدان ( قيمته ) أي الرقيق يوم الحكم بعتقه ; لأنه يوم الإفاتة فيها إن رجعا بعد الحكم بالعتق الذي شهدا به ضمنا قيمة المعتق ( وولاؤه ) أي المعتق بالفتح ( له ) أي السيد لاعترافهما له به . ابن عرفة الشيخ من كتاب ابن سحنون فإن كان السيد مقيما على الجحد فله قيمة العبد على الشاهدين وولاؤه له ; لأن من أعتق عبدا عن رجل فولاؤه للرجل . المازري ; لأن الشاهدين معترفان بأن الولاء لسيده لا لهما ، فإذا مات العتيق ولا وارث له من النسب ورثه سيده ، فإن كان المشهود بعتقه أمة وعلم سيدها بطلان الشهادة فله وطؤها ولو قبض قيمتها ، ولا يجوز للأمة التزوج إذا علمت بطلان الشهادة وإلا جاز . ( وهل إن كان ) العتق الذي شهدا به ورجعا عنها بعد الحكم به ( لأجل ) كسنة ( يغرمان ) أي الشاهدان ( القيمة ) لسيده ( و ) تكون ( المنفعة ) أي غلة الرقيق مستمرة ( إليه ) أي الأجل ( لهما ) أي الشاهدين يستوفيان منها القيمة التي أدياها للسيد ، وما زاد من المنفعة عنها فهو للسيد ، وإن مات العبد في الأجل أو تم الأجل ولم توف منفعته بقيمته فلا يرجعان على السيد بشيء ، وهل يسلم العبد لهما حتى يستوفيا من غلته أو يبقى تحت سيده ويدفع لهما غلته كل يوم أو كل جمعة أو كل شهر مثلا قولان . ( أو يسقط ) بضم التحتية وفتح القاف ( منها ) أي القيمة ( المنفعة ) أي قيمتها [ ص: 519 ] على غررها وتبقى المنفعة للسيد إلى الأجل ( أو يخير ) بضم التحتية الأولى وفتح الثانية مثقلا للسيد ( فيهما ) أي إسلام العبد للشاهدين حتى يستوفيا القيمة منها وإسقاط قيمتها من قيمة الرقبة ، في الجواب ( أقوال ) البناني جعل الأقوال ثلاثة وهي في الحقيقة أربعة : الأول : لعبد الملك يغرمان القيمة والمنفعة للأجل لهما ، لكن يبقى تحت يد سيده ويعطيهما من تحت يده . الثاني : لسحنون كالأول إلا أنه يسلم إليهما حتى يستوفيا ما غرماه ، ثم يرجع لسيده إلى الأجل وهذان القولان يحتملهما قوله والمنفعة لهما إليه .

والثالث : يغرمان القيمة بعد أن تسقط منها قيمة المنفعة على الرجاء والخوف ، وهو قول عبد الله بن عبد الحكم كما في ابن عبد السلام وابن عرفة لا قول محمد بن عبد الحكم كما في التوضيح . ولا قول عبد الملك كما في ابن الحاجب . والرابع : لابن المواز يخير السيد بين الوجهين الأولين . شب على قول سحنون إن استوفيا منها ما غرما وبقيت منها بقية رجعت للسيد وإن قتله سيده رجعا عليه ببقية المنفعة أو ببقية مالهما إن زادت قيمة باقي المنفعة عليها فإن مات قبل وترك مالا أو قتل وأخذ سيده قيمته ممن قتله فإنهما يأخذان ما بقي لهما من ذلك .

" ق " من كتاب ابن سحنون إن شهد أنه أعتقه إلى سنين فقضى به ثم رجعا فعليهما لسيده قيمته حالة ، ويطلبان ذلك في خدمته فيؤجراه أو يستخدماه ، فإن قبضا ما أديا قبل الأجل رجع العبد يخدم سيده إليه ، وإن تم الأجل ولم يتم ما أديا فلا شيء لهما مما بقي . وقال ابن عبد الحكم يغرمان قيمته مسقطا منها قيمة خدمته للأجل . ابن المواز إن قال سيده بعدما أغرمهما قيمته لا أسلمه إليهما وأستخدمه وأدفع إليهما ما يحل علي من خدمته ، فذلك له فهو مخير بين إسلامه إليهما ليأخذا من خدمته ما أديا وبين حبسه ودفعه إليهما ما يحصل من خدمته إلى مبلغ ما أديا .




الخدمات العلمية