الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        دليل القول بالمشروعية:

        (308) 1- ما رواه البخاري ومسلم من طريق سليمان بن يسار، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاءت امرأة من خثعم عام حجة الوداع قالت: يا رسول الله إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستوي على الراحلة، فهل يقضي عنه أن أحج عنه؟ قال: « نعم».

        2- ما رواه مسلم من طريق عبد الله بن بريدة، عن أبيه -رضي الله عنه- قال: بينا أنا جالس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ أتته امرأة، فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، قال: فقال: «وجب أجرك وردها عليك الميراث» قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: صومي عنها، قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: «حجي عنها»

        وقد جاءت النيابة في الحج في أحاديث كثيرة منها:

        حديث أبي رزين، حديث زيد بن أرقم، حديث ابن عباس، [ ص: 174 ] حديث جابر، وحديث ابن عباس في قصة شبرمة رضي الله عنهم.

        فهذه الأحاديث واضحة وصريحة في مشروعية النيابة في الحج والعمرة، بعضها نص في الحج الفريضة وبعضها نص في حجة النذر، وبعضها مطلق أو عام، والمطلق محمول على إطلاقه، والعام محمول على عمومه، فتشمل الفرض والنفل والنذر، إذا جازت النيابة في الحج جازت الوصية به، ووجب تنفيذها كسائر الوصايا الأخرى.

        3- حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: «أن امرأة جاءت النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت أفأحج عنها؟ قال: حجي عنها، أرأيت لو كان على أمك دين ألست قاضيته؟ قالت: نعم، قال: فاقضوا الله، فالله أحق بالوفاء».

        (309) 4- ما رواه الدارقطني من طريق عباد بن راشد، نا ثابت البناني، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رجلا سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: هلك أبي ولم يحج، قال: أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أيتقبل منه؟ قال: نعم، قال: «فاحجج عنه».

        (310) 5- ما رواه ابن ماجه من طريق عثمان بن عطاء، عن أبيه، [ ص: 175 ] عن أبي الغوث بن حصين (رجل من الفرع) أنه استفتى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حجة كانت على أبيه مات ولم يحج؟ قال: نعم حج عن أبيك، فإن لم تزده خيرا لم تزده شرا».

        دليل القول بالمنع:

        1- قوله تعالى: وأن ليس للإنسان إلا ما سعى

        2- ما تقدم من الأدلة أنه لا يصوم أحد عن أحد، وكذا الحج.

        (311) 3- ما رواه ابن أبي شيبة من طريق يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: «لا يحج أحد عن أحد، ولا يصوم أحد عن أحد».

        4- أن الحج فيه مصالح منها: تأديب النفس بمفارقة الأوطان، وتهذيبها بالخروج عن المعتاد، وهذه مصالح لا تصلح إلا بالمباشرة، فمن لاحظ هذا المعنى قال لا تجوز النيابة في الحج.

        ونوقش: بأنه اجتهاد بمقابلة النص، وأما بقية الأدلة، فأجيب عنها خلال مباحث هذا الفصل.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية