الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        أدلة من منع الولاية في النكاح بوصية الولي:

        استدل من منع صحة وصية الولي بتزويج موليته بما يلي:

        (317) 1- ما رواه أحمد من طريق ابن إسحاق، حدثني عمر بن حسين بن عبد الله مولى آل حاطب، عن نافع مولى عبد الله بن عمر، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: توفي عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص، قال: وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون، قال عبد الله: وهما خالاي، قال: فمضيت إلى قدامة بن مظعون أخطب ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعني إلى أمها فأرغبها في المال، فحطت إليه، وحطت الجارية إلى هوى أمها، فأبيا حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال قدامة بن مظعون: يا رسول الله ابنة أخي أوصى بها إلي فزوجتها ابن عمتها عبد الله بن عمر، فلم أقصر بها في الصلاح ولا في الكفاءة، ولكنها امرأة، وإنما حطت إلى هوى أمها، قال: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها» قال: فانتزعت والله مني بعد أن ملكتها، فزوجوها المغيرة بن شعبة.

        [ ص: 237 ] ونوقش هذا الاستدلال: بأن دلالة هذا الحديث على منع الولاية في النكاح بالوصية غير ظاهرة; وذلك أن الوصي في هذا الحديث هو عمها، فلو بطلت وصية أخيه إليه لم تبطل ولايته عليها بعصوبة النسب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يتعرض في هذا الحديث لإبطال حقه في الولاية، وإنما أبطل حقه في إجباره على من لا ترضاه، وهو صريح قوله -صلى الله عليه وسلم-: «هي يتيمة ولا تنكح إلا بإذنها».

        وعلى هذا فإن كانت ابنة عثمان بن مظعون كبيرة مكلفة فالأمر واضح -على أحد أقوال أهل العلم- في البكر البالغ أنه لا يجبرها أب ولا غيره، فوصيه من باب أولى.

        2- عموم أدلة إثبات الولاية في النكاح، كقوله تعالى: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا وقوله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم .

        والوصي أجنبي من المرأة، فلا يسمى وليا فيكون عقده باطلا.

        [ ص: 238 ] 3- أن ولاية النكاح تنتقل شرعا بعد موت الموصي إلى غيره من الأولياء، فلم يجز أن يوصي بها إلى غير مستحقها كالحضانة.

        4- أنها ولاية نكاح، فلم يجز الوصية بها كولاية الحاكم.

        5- أن الولي أجنبي من المرأة، فلا ينظر لها كنظر الولي من طلب الكفاءة ونحوها; إذ لا يلحقه عار ولا ضرر بوضعها في غير كفئها.

        وقد يناقش: بأن الأب أو غيره من الأولياء لا يوصي عليها إلا من يثق بنظره وأمانته وحسن اختياره.

        6- أن ولاية الموصي قد انقطعت بموته، ولها من يستحقها شرعا بدون وصيته، ففي نقلها إلى الأجنبي إسقاط لحق من يستحقها شرعا، وتمليك ممن لا يملكها إلى من لا يستحقها.

        7- أن الوصي أجنبي غير وارث، والولاية في النكاح مستحقة بالميراث.

        وهذا التعليل يتجه على مذهب الإمام أبي حنيفة في قوله: «كل من استحق الميراث -فرضا أو تعصيبا- استحق الولاية» وأما مذهب جمهور أهل العلم: فالولاية مستحقة بالإرث بالتعصيب خاصة في الجملة.

        دليل القول الثاني: (الجواز) :

        1- أنها ولاية ثابتة شرعا للولي فجازت وصيته بها، كما جازت وصيته بولاية المال.

        ونوقش: بالفرق، فالبضع للأولياء، والمال للأوصياء.

        2- أن للولي أن يستنيب غيره في حياته، فكذا بعد مماته.

        [ ص: 239 ] ونوقش: بالفرق بين الوصية والوكالة; إذ ولايته انقطعت بموته، وانتقلت إلى غيره، بخلاف وكالته حيا.

        دليل القول الثالث: (الجواز إن لم يكن عصبة) :

        أنه إذا لم يوجد عصبة فليس فيه إسقاط لحق أحد.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية