الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الرابع: بيعه نسيئة

        وفيه مسألتان:

        المسألة الأولى: حكم ذلك:

        اختلف العلماء -رحمهم الله- في الولي هل له بيع مال اليتيم ونحوه نسيئة؟ على قولين:

        [ ص: 275 ] القول الأول: أنه يجوز للولي بيعه نسأ إذا كان هنالك مصلحة، بأن يكون أكثر ثمنا وأنفع، أو لخوف عليه من نهب، ونحو ذلك.

        وهذا ظاهر مذهب المالكية، حيث أناطوا تصرفات الولي بالمصلحة.

        وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

        وحجته:

        1- قوله تعالى: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن وقوله تعالى: وأن تقوموا لليتامى بالقسط

        وإذا كان في بيع مال اليتيم نسيئة مصلحة، فهو من الإصلاح لماله، وقربانه بالتي هي أحسن، ومن القيام له بالقسط.

        2- أن الولي يملك الاتجار بمال اليتيم، والبيع نسيئة لمصلحته من عادة التجار وعملهم.

        القول الثاني: يجوز بيع مال اليتيم نسيئة إذا لم يكن الأجل فاحشا لا يباع هذا المال به.

        وهذا قول الحنفية.

        [ ص: 276 ] وظاهره: أن الأجل إذا كان يسيرا يعفى عنه، وإن كان بعيدا اشترط زيادة الثمن لزيادة الأجل، وهذا يقول به جمهور أهل العلم، ولعل حجته: أن الأجل اليسير مما جرى التسامح فيه بين الناس، كالغبن اليسير، والتجارة لا يستغنى عنها.

        وأما الأجل البعيد مع زيادة الثمن، فدليله ما تقدم من دليل جمهور أهل العلم.

        القول الثالث: أن الولي لا يملك البيع نسيئة مطلقا.

        وهو رواية عن الإمام أحمد.

        ولم أقف له على دليل، ولعل حجته الاحتياط لمال اليتيم، وأن بيعه نسيئة لا يساوي بيعه حاضرا.

        ويمكن أن يناقش: بأنه يسلم مع عدم المصلحة في بيعه نسيئة، لكن مع المصلحة، فبيعه نسيئة كبيعه حاضرا أو أنفع.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية