الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        استدل أصحاب القول الأول بما يلي:

        1- قوله تعالى: وإن تخالطوهم فإخوانكم

        وجه الدلالة: أن الله سبحانه وتعالى لما أذن للناس بمخالطة الأيتام مع قصد [ ص: 254 ] الإصلاح بالنظر لهم وفيهم كان ذلك دليلا على جواز التصرف للأيتام، كما يتصرف للأبناء.

        قال ابن العربي: «إذا كفل الرجل اليتيم وحازه وكان في نظره، جاز عليه فعله كما قدمناه، وإن لم يقدمه وال عليه; لأن الآية مطلقة، ولأن الكفالة ولاية عامة».

        2- قوله تعالى: وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله

        3- أنه لم يرد نص بقصر الولاية على الجد، أو الوصي، أو الحاكم.

        4- أنه لم ينقل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وخلفاءه من بعده انتزعوا أموال اليتامى والقصر من إخوانهم أو أعمامهم".

        5- أن فيهم من الشفقة والعطف ما ليس في غيرهم من الأجانب.

        أدلة القول الثاني:

        1- أن الوصي نائبه أشبه الوكيل.

        2- أنه إذا لم يكن وصي تثبت الولاية على مال اليتيم للحاكم; لأن الولاية انقطعت من جهة الأب، فتكون للحاكم لأنه ولي من لا ولي له، ولا ولاية للجد؛ لأنه لا يدني بنفسه، وإنما يدني بالأب فهو كالأخ.

        3- أن ما سوى هؤلاء لا تثبت لهم الولاية; لأن المال محل الخيانة، ومن سواهم قاصر الشفقة غير مأمون على المال، فلم يله كالأجنبي.

        [ ص: 255 ] واستدل أصحاب القول الثالث:

        1- إن مبنى الولاية على الشفقة، وشفقة الأب فوق شفقة الكل، وشفقة وصيه فوق شفقة الجد; لأنه مرضي الأب ومختاره، فكان خلف الأب في الشفقة، وشفقة الجد فوق شفقة القاضي; لأن شفقته تنشأ عن القرابة والقاضي أجنبي، وشفقة القريب على قريبه فوق شفقة الأجنبي.

        2- أن ولاية الوصي هي ولاية الأب من حيث المعنى; لأنه هو الذي رضيه واختاره.

        3- أن القاضي أمين في النظر لمصالح المسلمين، فكان له ذلك أن يكون وليا كما جاء في الحديث: «السلطان ولي من لا ولي له» إلا أنه في الشفقة دون الأب أو الجد، فجاء هو ووصيه دونهما، وبعد وصي كل منهما.

        واستدل أصحاب القول الرابع بما يلي:

        1- أنها ولاية في حق الصغير، فقدم الأب والجد كولاية النكاح.

        2- أن الوصي نائب عنهما فكان عقبهما.

        3- أن الولاية من جهة القرابة سقطت فثبتت للسلطان، كولاية النكاح.

        (318) 4- ما رواه أحمد: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني سليمان بن موسى أن ابن شهاب أخبره أن عروة أخبره أن [ ص: 256 ] عائشة -رضي الله عنها- أخبرته أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيما امرأة نكحت بغير إذن مواليها، فنكاحها باطل -ثلاثا- ولها مهرها بما أصاب منها، فإن اشتجروا، فإن السلطان ولي من لا ولي له».

        [ ص: 257 ] فهو وإن جاء في معرض النكاح إلا أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

        [ ص: 258 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية