الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية أن يكون بعوض:

        مثل أن يهب كتاب اليتيم مقابل دراهم .

        فاختلف العلماء في ذلك على قولين:

        [ ص: 317 ] القول الأول: الجواز.

        وهو مذهب الحنابلة، بشرط كون العوض مثل قيمة الموهوب فأكثر.

        وحجته:

        1- ما تقدم من الأدلة على جواز التجارة بمال اليتيم بالبيع والشراء، والهبة بعوض في معنى البيع.

        2- أن الهبة بعوض معاوضة المال بالمال، فملكها كما يملك البيع.

        3- أن العوض إذا كان أقل من قيمة الموهوب، فهو نوع من المحاباة، والولي لا يملك ذلك.

        القول الثاني: أن هبة الثواب لا تجوز إلا بغبطة ظاهرة.

        وهو مذهب الشافعية.

        ولم أقف له على دليل، ولعل دليلهم: أن تصرفات الولي منوطة بالمصلحة، ولا مصلحة إلا إذا كانت الهبة بعوض أكثر من القيمة، والله أعلم.

        القول الثالث: عدم الجواز مطلقا.

        [ ص: 318 ] وهو مذهب الحنفية، والمالكية.

        وحجة هذا القول:

        أما الحنفية فعللوا: أن الهبة بعوض هبة ابتداء، بدليل أن الملك فيها يتوقف على القبض، فلم تنعقد هبته، فلا يتصور أن تصير معاوضة.

        ولعله يناقش: بعدم التسليم; بل الهبة بعوض مبادلة مال اليتيم، وهذا هو البيع.

        وأما المالكية: فعللوا: أن الهبة إذا فاتت بيد الموهوب لا يلزمه إلا القيمة، والوصي لا يبيع بالقيمة.

        وتقدم أن المالكية: لا يرون بيع مال اليتيم بالقيمة إلا إذا كان البيع لحاجة.

        ولعله يناقش: بأن البيع بالقيمة جمهور أهل العلم على جوازه.

        الترجيح:

        يترجح -والله أعلم- جواز هبة الثواب بمثل القيمة، أو أكثر; إذ هذا هو البيع، والولي يملكه.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية