الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب السادس: الوصية بتصديق كل من يشهد له ابنه أو أخوه مثلا بدين عليه بغير تعيين المقر له، سواء حدد مقدار الدين أم لا

        كما لو قال: علي ديون، وولدي يعرف أصحابها، فمن بين له شيئا فصدقوه، أو قال: كل من شهد له ابني بدين علي أو بألف درهم دينا علي فصدقوه.

        وقد اختلف فيها على قولين:

        القول الأول: يصدق ابنه إن كان عدلا، ويعطى من شهد له الابن بالدين على أبيه مع اليمين، ولو شهد لبعض الورثة عملا بوصية الميت، وتنفيذا لها على الإطلاق، بشرط أن يكون الابن الشاهد بالدين عدلا; لأنه سماه شاهدا، وبذلك يكون المقر له أخذ حقه بمقتضى الشاهد واليمين، فلا يختص الحكم بثلث الميت، أو أكثر، كسائر الديون الثابتة بالبينة.

        فإن كان الابن غير عدل، أو نكل المشهود له عن اليمين بطلت الوصية، ولزم الابن نصيبه من الدين الذي أقر به، مؤاخذة له بإقراره، إلا أن يكون [ ص: 232 ] سفيها فإنه لا يلزمه شيء لبطلان إقراره، ولا يستحق معه المقر له لسقوط شهادته.

        وبه قال ابن القاسم.

        وحجته:

        1- الأدلة الدالة على شهادة قبول العدل.

        2- الأدلة الدالة على عدم غير العدل، فتبطل الوصية.

        القول الثاني: يصدق الابن مطلقا، سواء كان عدلا أو غير عدل، ويعمل بشهادته، ويأخذ المشهود له ما أقر له به من التركة.

        وحجته: أن المقر له يأخذ الدين بمقتضى إقرار المدين به، لا بمقتضى شهادة الابن به.

        وإذا كان كذلك لا وجه لاشتراط العدالة في الابن; لأنه ليس شاهدا، وإنما هو مبين شخص المقر له الذي لم يعينه الأب في إقراره لسبب من الأسباب.

        قال ابن فرحون: «مسألة: وفي سماع عيسى في كتاب الشهادات عن ابن القاسم: فيمن حضره الموت فقال: ما شهد به ابني علي من دين أو ابنتي فهو مصدق، من دينار إلى مائة، أو لم يوقت عددا ثم مات، فشهد ابنه ذلك لقوم بديون، وشهد أيضا لبعض الورثة بدين، فقال: لا يثبت ذلك عندي إلا بيمين، وإن كان عدلا، ومذهبه عندي مذهب القضاء، يعني حكم هذه المسألة حكم قضاء الدين عن الميت، لا بد فيه من يمين القضاء، قال: وإن [ ص: 233 ] لم يكن عدلا، أو نكل المشهود له عن اليمين، لزم الشاهد من ذلك قدر ميراثه، وإن كان سفيها لم يجز إقراره في ميراثه، ولم يحلف طالب الحق».

        التالي السابق


        الخدمات العلمية