الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        الأدلة:

        أدلة القول الأول:

        أدلة القول بأن ولاية كل واحد من الوصيين مقصورة على ما جعل إليه، وليس له التصرف فيما جعل إلى الآخر ما يأتي:

        1- قوله تعالى: فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم وجه الدلالة: أن الله -جل وعلا- حذر الموصى إليه من التبديل في الوصية [ ص: 64 ] وتوعده بالإثم، وليس في التبديل أكثر من أن يوصي إليه في شيء مخصوص، ثم يتصرف في غيره مما لم يوص إليه به.

        2- القياس على الوكالة: فالوكيل ليس له أن يتصرف إلا فيما أذن له أن يتصرف فيه، وكذا الوصي لا يتصرف.

        3- أن للموصي غرضا في إفراد كل واحد بما جعل إليه، ففي إشراك غيره إبطال لغرضه.

        4- أن الموصي لو جمع بين الوصيين في الكل لما جاز أن ينفرد أحدهما بالنظر، فإذا خص أحدهما بالبعض فأولى ألا يجوز له النظر في الكل.

        5- أن من اؤتمن على بعض المال لم يملك بذلك ثبوت اليد على جميعه، كالمودع والمضارب.

        دليل القول الثاني:

        1- أن كل واحد من الأوصياء أهل للنظر والتصرف، فصح تفرده، ولو لم يكن أهلا لذلك لما جعله الموصي وصيا له، فلما رضي بالوصاية له في بعض الأمور صحت الوصاية له في جميعها.

        2- أن الموصي يملك الإيصاء لغيره شرعا، ولكن لا يملك تقييد التصرف في سائر الأنواع دون أن يوصي لغيره بذلك، كأن له أن يتصرف في الكل.

        [ ص: 65 ] ونوقش هذا الاستدلال من وجهين:

        الأول: أن الوصية ولاية على عقد، فوجب أن تكون مقصورة على ما تضمنه ذلك العقد، قياسا على الوكالة.

        الثاني: أن الموصي لو جمع بين الوصيين في الكل لما جاز أن ينفرد أحدهما بالبعض، فأولى ألا يكون له النظر في الكل.

        3- أن من اؤتمن على بعض المال ملك بذلك ثبوت اليد على جميعه، كالمودع والمضارب، بجامع أن كلا منهما مؤتمن.

        4- القياس على ولاية الجد، فكما أن تصرف الجد لا يختص بنوع دون نوع; لأنه قائم مقام الأب عند عدمه، فكذلك تصرف الوصي; لأنه يتصرف بولاية منتقلة إليه.

        ونوقش: بأن القياس على ولاية الجد قياس غير مسلم; لأنه قياس مع الفارق، فلا يصح; لأن ولاية الجد استفادها بقرابته وهي لا تتبعض، والإذن يتبعض، فافترقا.

        الترجيح:

        الراجح -والله أعلم- القول الأول; لقوة الأدلة التي استدلوا بها، مع ضعف دليل المخالف لمناقشته.

        * * *

        [ ص: 66 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية