الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب السادس عشر: بيع مال اليتيم، ونحوه

        وفيه مسألتان:

        المسألة الأولى: بيع العقار:

        اختلف العلماء في حكم بيع عقار اليتيم، ونحوه على أقوال:

        القول الأول: أن الوصي ونحوه لا يملك بيع عقار اليتيم ونحوه إلا في موضعين:

        الأول: أن يكون به ضرورة إلى كسوة، أو نفقة، أو قضاء دين، أو ما لا بد منه، وليس له ما تندفع به حاجته.

        الثاني: أن يكون في بيعه غبطة، وهو أن يدفع فيه زيادة كثيرة على ثمن المثل، قال أبو الخطاب من الحنابلة: «كالثلث ونحوه».

        وهذا مذهب الشافعية، وبه قال بعض الحنابلة.

        والمذهب عند الحنابلة: جواز بيع الوصي لعقار الصغير ونحوه عند المصلحة مطلقا.

        [ ص: 296 ] وبه قال شيخ الإسلام، قال: بيع العقار ليس للوصي أن يفعله إلا لحاجة أو مصلحة راجحة بينة».

        القول الثاني: أن الوصي ونحوه ليس له أن يبيع مال الصغير ونحوه، إلا في حالات.

        قال في شرح الخرشي: «والمعنى أن الحاكم، أو الوصي لا يجوز لكل منهما أن يبيع عقار اليتيم إلا بأحد أمور:

        منها: أن تكون حاجة دعت إلى البيع من نفقة، أو دين هناك، ولا قضاء له إلا من ثمنه.

        ومنها: أن يكون البيع غبطة بأن زاد في ثمنه زيادة لها قدر وبال، حدها الغرناطي بالثلث، وكلام ابن عرفة يفيد أن الغبطة هو الثمن الكثير الحلال الزائد على ثلث القيمة.

        ومنها: أن يكون موظفا، أي: عليه توظيف، أي: حكر، فيباع ويؤخذ له عقار لا توظيف عليه كل سنة، أو كل شهر.

        ومنها: أن يكون حصة فيستبدل غيره كاملا للسلامة من ضرر الشركة.

        ومنها: أن يكون المبيع غلته قليلة فيباع ليستبدل ما له غلة كثيرة، والذي في توضيحه وقريب منه لابن عرفة، أو لكونه لا يعود عليه منه شيء، ومثله في وثائق الغرناطي.

        ومنها: كونه بين ذميين فيباع ليستبدل خلافه بين المسلمين.

        ومنها: كونه بين جيران سوء، يحصل منهم ضرر في الدين، أو في الدنيا.

        ومنها: كونه حصة، وأراد الشريك بيع حصته، ولا مال لليتيم يشتري به حصة شريكه.

        ومنها: خشية انتقال العمارة عنه فيصير منفردا لا نفع به غالبا.

        ومنها: خشية خرابه، ولا مال لليتيم يعمر به، أو له ما يعمر به ولكن البيع أولى من العمارة.

        وترك المؤلف بيعه للخوف عليه من السلطان جائرا وغيره، وإن كان يفهم من بعض ما ذكره بالأولى».

        القول الثالث: لا يجوز للوصي بيع عقار اليتيم ونحوه إلا لمسوغ.

        [ ص: 297 ] قال ابن نجيم في الأشباه والنظائر: «لا يجوز للوصي بيع عقار اليتيم عند المتقدمين، ومنعه المتأخرون أيضا إلا في ثلاثة، كما ذكره الزيلعي: إذا بيع بضعف قيمته، وفيما إذا احتاج اليتيم إلى النفقة ولا مال له سواه، وفيما إذا كان على الميت دين لا وفاء له إلا منه.

        وزدت أربعا، فصار المستثنى سبعا، ثلاث من الظهيرية: فيما إذا كان في التركة وصية مرسلة لا نفاذ لها إلا منه، وفيما إذا كانت غلاته لا تزيد على مؤنته، وفيما إذا كان حانوتا أو دارا يخشى عليه النقصان.

        والرابعة: فيما إذا كان العقار في يد متغلب، وخاف الوصي عليه فله بيعه. انتهى».

        التالي السابق


        الخدمات العلمية