الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثالث: الفائدة من مشروعية محاسبة الوصي

        إن فائدة محاسبة الوصي ظاهرة: وهي المحافظة على أموال الموصي والقصر، والاطمئنان على وصول ريعها ومنفعتها إلى المستحق، وقطع دابر ظلم الولاة عليها، فبالمحاسبة يتمكن القاضي من معرفة الخائن من الأمين، فيستبدل الخائن بغيره، وهذا بلا شك يقطع الطريق على من تسول له نفسه اللعب بأموال المسلمين، بل قد يدفع حتى الناظر الأمين إلى مضاعفة الجهد، وتحري العدل، والبعد عن مواطن الظلم.

        ولم تشرع المحاسبة ليأخذ القضاة وأتباعهم من النظار والأوصياء شيئا بحجة المحاسبة؛ ولذلك قال ابن نجيم: «إن مشروعية المحاسبات للنظار إنما هي ليعرف القاضي الخائن من الأمين، لا لأخذ شيء من النظار للقاضي وأتباعه، والواقع -بالقاهرة في زماننا- الثاني، وقد شاهدنا فيها من الفساد للأوقاف كثيرا، بحيث يقدم كلفة المحاسبة على العمارة والمستحقين، وكل ذلك من علامات الساعة المصدقة.

        (272) روى البخاري من طريق عطاء بن يسار، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- وفيه قول النبي - صلى الله عليه وسلم-: «إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».

        ولحيدة بعض القضاة عن القصد الشرعي للمحاسبة، وتسلطهم على [ ص: 48 ] بعض الولاة، فقد أحدث ذلك رد فعل عند بعض الفقهاء، فأعطى النظار الحق بالامتناع عن التفصيل، من ذلك قول الحصكفي: «إن الشريك والمضارب والوصي والمتولي لا يلزم بالتفصيل، وإن غرض قضاتنا ليس إلا الوصول لسحت المحصول».

        فالمقصود من ذلك أن محاسبة الأوصياء هي الطريق السليم للمحافظة على أموال القصر وصيانتها، كما أنها الوسيلة الناجحة لحماية حقوق المستحقين من ظلم الأوصياء، والله الموفق.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية