الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثانية: أن لا يكون بغبن فاحش:

        كأن يبيع بأقل من ثمن المثل، أو يشتري بأكثر من ثمن المثل يسيرا.

        فاختلف العلماء في تضمين الولي على قولين:

        القول الأول: أنه إذا اجتهد وتحرى فلا ضمان عليه، وإن فرط ضمن.

        وبه قال شيخ الإسلام، وهو ظاهر اختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله.

        وحجته في ذلك:

        (328) 1- ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن أبي ظبيان، عن أسامة بن زيد -رضي الله عنه- قال: «بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سرية، فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلا، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟!».

        وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يضمن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- بدية ولا كفارة; [ ص: 273 ] لأنه مجتهد غير مفرط.

        2- قال شيخ الإسلام: «وهو شبيه بما إذا قتل في دار الحرب من يظنه حربيا، فبان مسلما، فإن جماع هذا: أنه مجتهد مأمور بعمل اجتهد فيه، وكيف يجتمع عليه الأمر والضمان؟ هذا الضرب هو خطأ في الاعتقاد والقصد لا في العمل...».

        3- أنه مأذون له في البيع والشراء، وما ترتب على المأذون غير مضمون.

        القول الثاني: أنه إذا باع بأقل من ثمن المثل، أو اشترى بأكثر من ثمن المثل، فإن كان مما يتغابن به الناس عرفا فلا يضمن، وإن كان مما لا يتغابن به الناس عرفا ضمن.

        وهو مذهب الحنفية، والشافعية، والحنابلة.

        وحجته: أن إطلاق البيع ينصرف إلى ثمن المثل، فيضمن إذا نقص في البيع، أو زاد على ثمن المثل في الشراء.

        ولأن تصرفه مقيد بالنظر في حق الصغير، ولا نظر فيما لا يتغابن به الناس.

        وما يتغابن فيه الناس جرى العرف بالتسامح فيه.

        ولأن اليسير لا يمكن التحرز عنه، ويكثر وقوعه، ففي اعتباره تعطيل لمصالحه.

        [ ص: 274 ] القول الثالث:

        أنه لا يجوز البيع إلا بأزيد من الثمن، إلا إذا كان هناك حاجة فيجوز بالثمن، ولا يشتري إلا بثمن المثل.

        وهو مذهب المالكية.

        ولعل مأخذه الاحتياط لليتيم.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية