الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثالث: الوقت الذي تعتبر فيه هذه الشروط

        اختلف الفقهاء في الوقت المعتبر لتوافر الشروط المطلوبة في الموصى إليه على أقوال:

        القول الأول: أنه وفاة الوصي.

        وبه قال الحنفية، والمالكية، وأظهر الأوجه عند الشافعية، ووجه عند الحنابلة.

        [ ص: 36 ] وعلى هذا لو انتفت الشروط كلها أو بعضها عند الإيصاء، ثم وجدت عند الموت صح الإيصاء، ولو تحققت الشروط كلها عند الإيصاء، ثم انتفت أو انتفى بعضها عند الموت، فلا يصح الإيصاء.

        وحجته:

        1- أن الاعتبار بالوصية بحال الموت، فتعتبر عنده هذه الشروط، كما تعتبر عدالة الشاهد عند الأداء دون التحمل.

        2- أنها تعتبر حال الموت كالوصية له.

        ونوقش: أنه لا يؤمن من تظاهر الموصى إليه بالتوبة والعدالة عند موت الموصي; لغرض فاسد يمكنه منه.

        3- ولأن هذا الوقت هو وقت اعتبار القبول وتنفيذ الإيصاء، فيكون هو المعتبر دون غيره.

        القول الثاني: تعتبر عند عقد الوصية والموت جميعا.

        وهذا وجه عند الشافعية، وهو مذهب الحنابلة.

        وحجته ما يلي:

        1- أن وقت الوصية هو حال التقليد، ووقت هو حال التصرف، فاعتبرت فيهما.

        2- أنها شرط لصحة عقد الوصية، فتعتبر حال وجوده كسائر العقود

        [ ص: 37 ] أما وجه اعتبار وجودها عند الإيصاء; فلأنها شروط لصحة عقد الإيصاء، فاعتبر وجودها حال وجوده، كسائر العقود.

        وأما وجه اعتبار وجودها عند الموت; فلأن الموصى إليه إنما يتصرف بعد موت الموصي، فاعتبر وجودها عنده، كالإيصاء له بشيء من المال.

        القول الثالث: أنها تعتبر في الحالين، وفي ما بينهما.

        وهذا وجه عند الشافعية، وآخر عند الحنابلة.

        وحجته: أن كل زمان منه قد يستحق فيه التصرف لو حدث الموت، فاعتبرت في الجميع.

        ونوقش: أن فيه حرجا; لأنه يؤدي إلى تتبع الموصى إليه من حين الوصية إلى الموت، والحرج مرفوع عن هذه الأمة.

        القول الرابع: أنها تعتبر عند الوصية.

        وهو وجه عند الحنابلة.

        وحجته: أنها شرط العقد، فتعتبر عنده كسائر العقود.

        ونوقش: أن فيه قصورا; لعدم اعتبار العدالة وقت الوصية.

        والأقرب - والله أعلم- هو القول الأول; لقوة ما عللوا به.

        * * *

        [ ص: 38 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية