الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المسألة الثالثة: التضحية عنه من ماله:

        اختلف أهل العلم رحمهم الله في شراء الأضحية لليتيم من ماله على قولين:

        القول الأول: أن الولي ونحوه يملك شراء الأضحية لليتيم من ماله إذا كان موسرا.

        [ ص: 319 ] وهو قول جمهور أهل العلم: الحنفية، والمالكية، والحنابلة.

        وحجته:

        1- قوله تعالى: ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير

        وقوله تعالى: وأن تقوموا لليتامى بالقسط

        وقوله تعالى: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن

        وجه الدلالة: أن شراء الأضحية لليتيم من ماله من الإصلاح في ماله، والقيام له بالقسط وقربانه بالتي هي أحسن; لما فيه من جبر قلبه، وإلحاقه بمن له أب، وإدخال السرور عليه.

        (330) 2- ما رواه مسلم من طريق أبي المليح، عن نبيشة الهذلي -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «أيام التشريق أيام أكل وشرب، وذكر الله عز وجل».

        وهذا يشمل بيت اليتيم وغيره، فتشرع التضحية له من ماله.

        3- أن المصلحة في التعامل مع مال اليتيم لا تقتصر على المصالح الدنيوية، بل تشتمل المصالح الأخروية، ومن ذلك الأضحية من ماله.

        4- أن شراء الأضحية بمنزلة الثياب الحسنة، وشراء اللحم.

        ونوقش: أن الأضحية عبادة مقصودة شرعا، وشراء الثياب واللحم من العادات فافترقا.

        [ ص: 320 ] القول الثاني: أنه لا يجوز أن يضحي عنه.

        وهو مذهب الشافعي، ورواية عن أحمد.

        وحجته:

        1- أنه إخراج شيء من ماله بغير عوض، فلم يجز كالهدية.

        ولعله يناقش: بالفرق; فالهدية إخراج من ماله بلا مصلحة لليتيم، بخلاف الأضحية، فيترتب عليها مصلحة جبر قلبه، وإدخال السرور عليه.

        قال ابن قدامة: ويحتمل أن يحمل كلام أحمد في الروايتين على حالين، فالموضع الذي منع التضحية إذا كان الطفل لا يعقل التضحية، ولا يفرح بها، ولا ينكسر قبله بتركها لعدم الفائدة فيها، والموضع الذي أجازها إذا كان اليتيم يعقلها...».

        2- أنه مأمور بالاحتياط لماله، ممنوع من التبرع، والأضحية تبرع.

        الترجيح:

        الراجح -والله أعلم- مشروعية التضحية عن اليتيم من ماله لما يترتب عليها من مصالح دينية ودنيوية.

        التالي السابق


        الخدمات العلمية