الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المطلب الثاني: وقت الابتلاء

        اختلف العلماء في وقت الابتلاء على قولين:

        القول الأول: أن وقت الابتلاء قبل البلوغ، ولكن لا يختبر إلا المراهق المميز الذي يعرف البيع والشراء والمصلحة من المفسدة.

        وإليه ذهب الحنفية، والوجه الأصح عند الشافعية، وهو المذهب عند الحنابلة.

        وحجته:

        1- قوله تعالى: وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح .

        [ ص: 355 ] وجه الاستدلال: أن ظاهر الآية يدل على أن ابتلاءهم قبل البلوغ؛ لوجهين:

        الأول: أنه سماهم يتامى، وإنما يكونون يتامى قبل البلوغ.

        الثاني: أنه مد اختبارهم إلى البلوغ بلفظ (حتى) فدل على أن الاختبار قبل البلوغ.

        2- أن تأخير الاختبار إلى البلوغ مؤد إلى الحجر على البالغ الرشيد; لأن الحجر يمتد إلى أن يختبر ويعلم رشده; واختباره قبل البلوغ يمنع ذلك، فكان أولى.

        القول الثاني: إن وقت الابتلاء بعد البلوغ.

        وإليه ذهب المالكية، والشافعية في وجه آخر، والحنابلة في رواية.

        وحجته: أن الاختبار هو أن يدفع إليه المال ليتصرف فيه بالبيع والشراء ونحوهما، وهذا لا يصح إلا بعد البلوغ; لأن تصرفه قبل ذلك تصرف ممن لم يوجد فيه مظنة العقل.

        ونوقش: بأنه يؤدي إلى أن يحجر على البالغ الرشيد إلى أن يختبر، وهو باطل.

        [ ص: 356 ] الترجيح:

        الراجح -والله أعلم- القول الأول; لقوة دليله، وأما القول الثاني فقد أجيب عنه.

        * * *

        التالي السابق


        الخدمات العلمية