الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        المبحث السادس: واجبات الوصي

        الوصي إما أن يكون مطلقا أو مقيدا.

        فإن كان مقيدا باللفظ، أو العرف التزم بما قيد فيه، وإن كان مطلقا فيجب عليه القيام بما وصي عليه من صغار أو من في حكمهم، ويشمل ذلك القيام بحفظ أموالهم وتثميرها والنفقة عليهم بالمعروف، وإخراج ما تعلق بأموالهم من حقوق لله أو للناس؛ عملا بقول الله سبحانه: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن

        (270) وبقول عمر -رضي الله عنه-: «ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها الصدقة».

        ونص الحنفية: على أن الأصل أن ولاية الوصي تتقدر بقدر ولاية الموصي، وأن ولايته الحفظ تبعا لولاية التصرف، فإذا ثبتت للوصي ولاية الحفظ ثبتت له ولاية كل تصرف هو من باب الحفظ نحو بيع المنقول، وبيع ما يتسارع إليه الفساد.

        وقالوا: ينبغي للوصي أن يوسع على الصبي في النفقة لا على وجه الإسراف ولا على وجه التضييق، وذلك يتفاوت بقلة مال الصبي وكثرته، واختلاف حاله، فينظر في ماله وينفق عليه قدر ما يليق.

        وعد الحنفية واجبات الوصي ما يلي:

        1- تجهيز الميت وشراء الكفن له; لأن في التأخير فساد الميت، ولهذا [ ص: 40 ] يملكه الجيران أيضا في الحضر، والرفقة في السفر.

        2- قضاء حاجة الصغار والاتهاب لهم; لأنه يخاف هلاكهم من الجوع والعري.

        3- رد وديعة عين وقضاء دين.

        4- رد المغصوب ورد المبيع في البيع الفاسد، وكذا حفظ المال.

        بيع ما يخشى عليه التوى والتلف، وجمع الأموال الضائعة.

        6- تنفيذ وصية معينة وعتق عبد معين.

        7- الخصومة في حق الميت.

        وقال المالكية: للوصي اقتضاء الدين ممن هو عليه وتأخيره بالنظر في المصلحة، فقد يكون التأخير هو الصواب، وله النفقة على الطفل أو السفيه بالمعروف، بحسب قلة المال أو كثرته، وبحسب حال الطفل من أكل وكسوة وغير ذلك، فينظر لما يقتضيه الحال بالمعروف فيما ذكر، وفي ختنه وعرسه، ولا حرج على من دخل فأكل; لأنه مأذون فيه شرعا، بخلاف ما لو أسرف من مال اليتيم فلا يجوز الأكل منه، وعليه: فيوسع عليه بما يقتضيه الحال.

        وأما ما يصرف للعابين في عرسه وختنه، فلا يلزم اليتيم ويضمنه الوصي.

        وللوصي دفع نفقة له كنفقة شهر ونحوه مما يعلم أنه لا يتلفه، فإن خاف إتلافه فنفقة يوم بيوم، وله إخراج زكاة فطره من ماله عنه وعمن تلزمه نفقته.

        وزكاته المالية من عين وحرث وماشية.

        ويرفع الوصي للحاكم الذي يرى زكاة المال في مال الصبي ليحكم بإخراجها، فيرتفع الخلاف؛ خوفا من رفع الصبي بعد رشده لقاض حنفي لا يرى الزكاة في مال الصبي فيضمن الوصي له ما أخرجه عنه.

        وهذا إن كان هناك حاكم حنفي يرى سقوطها عن الصبي.

        [ ص: 41 ] وللوصي دفع مال الموصى عليه لمن يعمل فيه قراضا وبضاعة، وله عدم دفعه; إذ لا يجب عليه تنميته على المذهب.

        وقال الشافعية: الذي يلزم الوصي في حق اليتيم أربعة أشياء:

        أحدها: حفظ أصول أمواله.

        والثاني: تثمير فروعها.

        والثالث: الإنفاق عليه منها بالمعروف.

        والرابع: إخراج ما تعلق بماله من الحقوق.

        فأما حفظ الأصول فيكون من وجهين:

        أحدهما: حفظ الرقاب عن أن تمتد إليها يد، فإن فرط كان لما تلف منها ضامنا.

        والثاني: استبقاء العمارة؛ لئلا يسرع إليها خراب، فإن أهمل عمارتها حتى عطل ضياعه وتهدم عقاره نظر، فإن كان لإعواز ما ينفق عليها فلا ضمان عليه، وإن كان مع وجود النفقة فقد أثم، وفي الضمان وجهان:

        أحدهما: يضمن ويصير بهذا كالغاصب.

        والوجه الثاني: لا ضمان عليه; لأن خرابها لم يكن من فعله فيضمن به، ولا يده غاصبة، فيجب بها عليه ضمان.

        وذكر الحنابلة: أن من واجبات الوصي: قضاء ديون الميت، وتفريق وصيته، والنظر في أمر غير مكلف رشيد من طفل ومجنون وسفيه، ورد الودائع إلى أهلها، واستردادها ممن هي عنده، ورد الغصب، وحد قذف.

        [ ص: 42 ]

        التالي السابق


        الخدمات العلمية